کد مطلب:241349 شنبه 1 فروردين 1394 آمار بازدید:259

انواع أخری للمیاه
مادة الحیاة، سید الشراب، و أحد اركان العالم، بل ركنه الاصلی: فان السموات خلقت من بخاره، والأرض من زبده. و قد جعل الله منه كل شی ء حی.

و قد اختلف فیه: هل یغذو؟ او ینفذ الغذاء فقط؟ علی قولین: و ذكرنا القول الراجح و دلیله. و هو بارد رطب: یقمع الحرارة، و یحفظ علی البدن رطوباته و یرد علیه بدل ما تحلل منه، و یرقق الغذاء و ینفذه فی العروق.

و تعتبر جودة الماء من عشرة طرق:

أحدها: من لونه: بأن یكون صافیا.

الثانی: من رائحته: بأن لا یكون له رائحة البتة.

الثالث: من طعمه: أن یكون عذب الطعم حلوه، كماء النیل والفرات.

الرابع: من وزنه: بأن یكون خفیفا رقیق القوام.

الخامس: من مجراه: بأن یكون طیب المجری والمسلك.

السادس: من منبعه: بأن یكون بعید المنبع.

السابع: من بروزه للشمس والریح: بأن لا یكون مختفیا تحت الارض، فلا تتمكن الشمس والریح من قصارته.

الثامن: من حركته: بأن یكون سریع الجری والحركة.

التاسع: من كثرته: بأن یكون له كثرة تدفع الفضلات المخالطة له.

العاشر: من مصبه: بأن یكون آخذا من الشمال الی الجنوب، او من المغرب الی المشرق.

و اذا اعتبرت هذه الأوصاف؛ لم تجدها بكمالها الا فی الأنهار الاربعة: النیل، والفرات، و سیحون، و جیحون.



[ صفحه 358]



و أما المیاه المالحة الثقیلة، فانها تیبس البطن، و میاه الثلوج والجلید [1] ردیئة للأجسام، كثیرة الاضرار بها.

و أما میاه الجب، فانها خفیفة، عذبة، صافیة، نافعة جدا للأجسام اذا لم یطل خزنها و حبسها فی الارض.

و أما میاه البطائح [2] والسباخ، فحارة غلیظة فی الصیف لركودها و دوام طلوع الشمس علیها. و قد تولد لمن داوم علی شربها المرة الصفراء و تعظم أطحلتهم.

و قد وصفت لك یا أمیر.. فیما بعد من كتابی هذا ما فیه كفایة لمن أخذ به، و أنا ذاكر من أمر الجماع ما هو صلاح الجسد و قوامه بالطعام والشراب، و فساده بهما، فان أصلحته بهما صلح، و ان أفسدته بهما فسد.

واعلم یا أمیر.. أن قوی النفس تابعة لمزاجات الابدان و مزاجات الأبدان [3] تابعة لتصرف الهواء. فاذا برد مرة، و سخن



[ صفحه 360]



أخری، تغیرت بسببه الأبدان والصور [4] .

فاذا استوی الهواء، و اعتدل. صار الجسم معتدلا لأن الله عزوجل بنی الأجسام علی أربع طبائع: الدم، والبلغم، والصفراء،والسوداء [5] .



[ صفحه 369]



فاثنان: حاران، و اثنان باردان، و خولف بینهما فجعل: حار یابس، و حار لین، و بارد یابس، و بارد لین.

ثم فرق ذلك علی أربعة أجزاء [6] من الجسد: علی الرأس، والصدر والشراسیف [7] ، و أسفل البطن.

واعلم یا أمیر.. أن الرأس والأذنین [8] ، والعینین والمنخرین، والانف، والفم من الدم. و أن الصدر من البلغم والریح. و أن الشراسیف من المرة الصفراء و أن أسفل البطن من المرة السوداء.



[ صفحه 370]



واعلم یا أمیر.. أن النوم سلطانه فی الدماغ [9] ، و هو قوام الجسد و قوته.

و اذا أردت النوم [10] ، فلیكن اضطجاعك اولا علی شقك



[ صفحه 371]



الأیمن [11] ، ثم انقلب علی شقك الأیسر [12] .

و كذلك فقم [13] من مضجعك علی شقك الایمن كما بدأت به عند



[ صفحه 372]



نومك [14] .



[ صفحه 388]



و عود نفسك من القعود باللیل [15] مثل ثلث ما تنام، فاذا بقی من اللیل ساعتین، فادخل الخلاء لحاجة الانسان. والبث فیه بقدر ما تقضی حاجتك، و لا تطیل فان ذلك یورث الداء الدفین [16] .

واعلم یا أمیر.. أن خیر ما استكت به لیف الأراك [17] (الأشیاء المقبضة التی تكون لها ماء)، فانه یجلو الأسنان، و یطیب النكهة، و یشد اللثة و یسمنها، و هو نافع من الحفر [18] ، اذا كان ذلك باعتدال والاكثار منه یرق الأسنان و یزعزعها [19] و یضعف أصولها.

فمن أراد حفظ أسنانه فلیأخذ قرن أیل محرق [20] .



[ صفحه 389]



و كزمازج [21] و سعد، و ورد، و سنبل الطیب، أجزاء بالسویة، و ملح اندرانی [22] ربع جزء، فخذ كل جزء منها، فتدق وحده و تستك به فانه ممسك للأسنان.

و من أراد أن یبیض أسنانه فلیأخذ جزء ملح اندرانی و جزء من زبد البحر بالسویة یسحقان جمیعا و یستن بهما [23] .

واعلم یا أمیر.. أن أحوال الانسان التی بناه الله تعالی علیها و جعله متصرفا بها أربعة أحوال [24] .



[ صفحه 393]



الحالة الأولی: لخمس عشرة سنة، و فیها شبابه، و صباه، و حسنه، و بهاؤه، و سلطان الدم فی جسمه.

والحالة الثانیة: لعشرین سنة، من خمس عشرة الی خمس و ثلاثین سنة، و فیها سلطان المرة الصفراء [25] و غلبتها، و هو أقوم ما یكون، و أیقظه و ألعبه. فلا یزال كذلك حتی یستوفی خمس و ثلاثین سنة.

ثم یدخل فی الحالة الثالثة: و هی من خمس و ثلاثین سنة الی أن یستوفی ستین سنة، فیكون فی سلطان المرة السوداء و یكون أحكم ما یكون، و أقوله، و أدرأه، و أكتمه للسر، و أحسنه نظرا فی الأمور و فكرا فی عواقبها، و مداراة لها، و تصرفا فیها.

ثم یدخل فی الحالة الرابعة: و هی سلطان البلغم، و هی الحالة التی لا یتحول منها ما بقی و قد دخل فی الهرم حینئذ، وفاته الشباب، و استنكر كل شی ء كان یعرفه من نفسه، حتی صار ینام عند القوم، و یسهر عند النوم و یذكر ما تقدم، و ینسی ما تحدث به، و یكثر من



[ صفحه 394]



حدیث النفس، و یذهب ماء الجسم و بهاؤه، و یقل نبات أظفاره و شعره، و لا یزال جسمه فی ادبار و انعكاس ما عاش، لأنه فی سلطان البلغم، و هو بارد جامد. فلجموده و رطوبته فی طباعه یكون فناء جسمه.

و قد ذكرت لأمیر.. جملا ما یحتاج الی معرفته من سیاسة الجسم و أحواله، و أنا أذكر ما یحتاج الی تناوله و اجتنابه. و ما یجب أن یفعله فی أوقاته.

فاذا أردت الحجامة لا تحتجم الا لأثنتی عشر تخلو من الهلال الی خمسة عشر منه، فانه أصح لبدنك. فاذا نقص الشهر فلا تحتجم الا أن تكون مضطرا الی اخراج الدم، و ذلك أن الدم ینقص فی نقصان الهلال و یزید فی زیادته.

ولتكن الحجامة [26] بقدر ما مضی من السنین، ابن عشرین سنة



[ صفحه 405]



یحتجم فی كل عشرین یوما، و ابن ثلاثین سنة، فی كل ثلاثین یوما، و ابن أربعین فی كل أربعین یوما، و ما زاد فبحساب ذلك.

واعلم یا أمیر.. أن الحجامة انما یؤخذ دمها من صغار العروق المبثوثة فی اللحم، و مصداق ذلك، أنها لا تضعف القوة كما یوجد من الضعف عند الفصاد.

و حجامة النقرة تنقع لثقل الرأس، و حجامة الأخدعین [27] یخفف عن الرأس، والوجه، والعین، و هی نافعة لوجع الأضراس.

و ربما ناب الفصد عن سائر ذلك. و قد یحتجم تحت الذقن لعلاج القلاع [28] فی الفم، و فساد اللثة، و غیر ذلك من أوجاع الفم، و كذلك



[ صفحه 406]



التی توضع بین الكتفین تنفع من الخفقان الذی یكون مع الامتلاء والحرارة.

والتی توضع علی الساقین قد ینقص من الامتلاء فی الكلی والمثانة والأرحام، و یدر الطمث [29] ، غیر أنها منهكة [30] للجسد، و قد تعرض منها العشوة الشدیدة، الا أنها نافعة لذوی البثور [31] والدمامیل.

والذی یخفف من ألم الحجامة تخفیف المص [32] عند أول ما یضع المحاجم ثم یدرج المص قلیلا قلیلا والثوانی زید فی المص منه الأوائل، و كذلك الثوالث فصاعدا.

و یتوقف عن الشرط حتی یحمر الموضع جیدا بتكریر المحاجم



[ صفحه 407]



علیه، و تلین المشرطة علی جلود لینة [33] و یمسح الموضع قبل شرطه بالدهن.

و كذلك یمسح الموضع [34] الذی یفصد بدهن فانه یقلل الألم. و كذلك یلین المشراط والمبضع بالدهن. و یمسح عقیب الحجامة و عند الفراغ منها الموضع بالدهن.

ولینقط علی العروق اذا فصدت شیئا من الدهن، كیلا تلتحم فیضر ذلك المقصود. و لیعمد الفاصد أن یفصد من العروق ما كان فی المواضع القلیلة اللحم لأن فی قلة اللحم من فوق العروق قلة الألم.

و أكثر العروق ألما اذا كان الفصد فی حبل الذراع [35] ، والقیفال [36] لأجل كثرة اللحم علیها. فأما الباسلیق [37] ، والاكحل [38] ، فانهما أقل ألما فی الفصد اذا لم یكن فوقهما لحم.



[ صفحه 408]



والواجب تكمید موضع الفصد [39] بالماء الحار، لیظهر الدم، و خاصة فی الشتاء. فانه یلین الجلد، و یقلل الألم، و یسهل الفصد.

و یجب فی كل ما ذكرنا من اخراج الدم اجتناب النساء قبل ذلك [40] باثنتی عشرة ساعة. و یحتجم فی یوم صاح [41] ، صاف، لا غیم فیه، و لا ریح شدیدة. و لیخرج من الدم بقدر ما یری من تغیره. و لا تدخل یومك [42] ذاك الحمام. فانه یورث الداء. و أصیب علی رأسك و جسدك الماء الحار، و لا تفعل ذلك من ساعتك.

و ایاك والحمام اذا احتجمت، فان الحمی الدائمة تكون منه. فاذا اغتسلت من الحجامة، فخذ خرقة مرغری [43] فالقها علی محاجمك [44] ، أو ثوبا لینا من قز [45] ، أو غیره. و خذ قدر الحمصة



[ صفحه 409]



من التریاق الأكبر [46] فاشربه. و كله من غیر شرب ان كان شتاءا، و ان كان صیفا فاشرب الاسكنجبین [47] المغلی، انك اذا فعلت ذلك فقد أمنت من اللقوة، و البهق، والبرص، والجذام باذن الله تعالی.

و مص من الرمان الاملیسی، فانه یقوی النفس و یحیی الدم. و لا تأكلن طعاما مالحا و لا ملحا بعده بثلثی ساعة فانه یعرض منه الجرب. و ان كان شتاءا فكل الطیاهیج اذا احتجمت، و اشرب علیه من ذلك الشراب الذی وصفته لك.

و ادهن موضع الحجامة بدهن الخیری، و ماء ورد، و شی ء من مسك [48] وصب منه علی هامتك ساعة تفرغ من حجامتك. و أما فی



[ صفحه 411]



الصیف، فاذا احتجمت فكل السكباج [49] ، والهلام والمصوص [50] والخامیر وصب علی هامتك دهن البنفسج [51] و ماء ورد، و شیئا من



[ صفحه 412]



كافور [52] و اشرب من ذلك الشراب الذی وصفته لك بعد طعامك.



[ صفحه 413]



و ایاك و كثرة الحركة، والغضب، و مجامعة النساء یومك ذاك [53] .



[ صفحه 414]




[1] الجليد: ما يسقط علي الأرض من الندي فيجمد، فيحتمل شموله لماء الجمد ايضا، و لا ينافي كون الماء المبرد بالجمد نافعا كما ذكره الأطباء. و بعضهم فسره عنا بماء البرد، و هو بعيد، نعم يمكن شمول الثلج له مجازا.

[2] أي المياه الراكدة فيها. و في القاموس: البطيحة والبطحاء والأبطح: ميل واسع فيه دقاق الحصا، والجمع أباطح و بطاح و بطائح.

[3] و قد كتب أبوبكر محمد بن زكريا الرازي، احد أشهر اطباء المسلمين و أعلاهم قدرا، كتابا صغيرا سماه «المدخل الصغير الي علم الطب» و هو كتاب لابد لمن يريد أن يتعلم الطب في تلك الأزمنة من قراءته و فهمه و تدبره.

و قد لخص فيه الرازي تلخيصا جيدا النظريات الفلسفية الاغريقية في خلق العالم و اتبع في ذلك فلسفة أرسطو و أفلاطون و اهتم بصفة خاصة بنظرية الفيض التي جاء بها أفلوطين.

خلاصة النظرية اليونانة في خلق العالم و تكوين العناصر بعد تعديلها لتلائم التفكير الاسلامي:

و خلاصة هذه النظرية أن الله سبحانه و تعالي خلق الاشياء علي مراحل متعددة «فأول ما أبدع الباري عزوجل الأنوار المضيئة و هي الجواهر البسيطة والانوار الروحانية التي هي أول الحركات و عنصر الكائنات».

والنور ينقسم الي قسمين: بسيط لا تدركه الحواس، مخصوص بأعلي العالم، و مركب و هو محسوس و موجود في أسفل العالم.

و من النور البسيط الذي لا تدركه الحواس خلق الله العقل و من العقل خلق النفس الناطقة و من النفس الناطقة خلق النفس الحيوانية و من الحيوانية خلق النفس الطبيعية الخامدة، و صارت جسما.

و من النفس الطبيعية الخامدة خلق المولي تبارك و تعالي الطبائع البسيطة الأربع و هي: الحرارة والبرودة، والرطوبة واليبوسة. و هي أصل تكوين كل الاشياء الجسمانية. و أبدع المولي من هذه الطبائع البسيطة الاربع، العناصر الاربعة و هي مركبة هكذا:

1- ازدواج البرد مع الرطوبة فصار ماء. و لذا كان الماء أول المخلوقات الجسمانية والعناصر الارضية.

2- ازدوجت الحرارة مع اليبوسة فصارت نارا.

3- و ارتفعت النار لخفتها و رسب الماء لثقله سفلا فصار بينهما تضاد و تباعد و نتج عن هذا التضاد والتباعد الهواء.

4- و حرك الباري الهواء بقدرته فصار ريحا. و حرك الريح الماء حتي تلاطمت أمواجه و أرغي زبده. و صار الزبد طبقات بعضها فوق بعض، فجمد بالقدرة و صار ترابا و أرضا.

فهذه هي العناصر الأربعة: الماء والنار والهواء والتراب. و لكل منها صفات:

فالماء بارد رطب ثقيل سيال، والنار حارة يابسة خفيفة، والهواء حار رطب لطيف والتراب (الأرض) بارد يابس ثقيل.

[4] أي في صورة الانسان و بشرته، او في الصور الفائضة علي الاخلاط المتولدة من الاغذية بعد نفوذها بتوسط العروق الكبار والصغار الي الأعضاء، ليصير شبيها بالعضو المغتذي، و يصير جزء منه، بدلا لما يتحلل، كما مرت الاشارة اليه.

[5] ذكر علامات غلبة الدم:



ان يغلب الدم من الاخلاط

فالنوم والصداع في افراط



و غلظ العروق و احمرار

و ربما كلت به الافكار



و ثقل الرأس و ضعف الحس

و كسل والحر عند اللمس



و ثقل الاكتاف والتثاؤب

و ربما ثقلت الجوانب



و يظهر الرعاف والتمطي

و يطلق الطبع بغير فرط



والخصب في العيش و أحلام فرح

و كثرة الالوان فيها والمرح



و حكة في موضع الفصاده

و حمرة العين لغير عاده



و دمل لو بثر في الجسم

او حلوة يأكلها في النوم



أو كان طعم الفم ذا حلاوه

و ما تغذي قبل بالحلاوه



او كانت الاعراض في الربيع

او في الشباب الأول البديع



تدلنا علي الدما من علل

و ستراها عند بدء العمل



ذكر علامات غلبة الصفراء



ان يغلب الاصفر من مرار

رأيت لون الجلد في اصفرار



و ضعفت شهوته في المطعم

مع مرارة أصيبت في الفم



ولذع معدة وقي ء مره

و انطلق الطبع بها بمره



ورق و غارت العينان

و يبس الفم مع اللسان



والبول في خلال ذا مصفر

والغثي والجلدة تقشعر



والكرب والعطش بعد الصوم

و رؤية النيران عند النوم



و دقة النبض و حر البدن

و كثرة الحم بماء سخن



و ما يواليه من الأتعاب

في البلد الجنوب والشباب



و ان يوالي الأكل من حريف

لا سيما ان كان في المصيف



ذكر علامات غلبة السوداء



ان غلب الجسم المرار الأسود

فان لون الجسم منه كمد



و فكرة و شهوة في المطعم

و حمضة توجد في طعم الفم



و خبث نفس معه قطوب

والنبض في ابطائه صليب



و قبض معدة و أسود بهق

و جزع و سهر بلا قلق



والبول أبيض رقيق فج

كذا البراز ليس فيه نضج



مع غذاء يابس وهم

و جزع مواتر و غم



و أن يري مهالكا في حلمه

و كل ما يروعه في نومه



والسن للكهول والخريف

والبلد الشمأل والنحيف



ذكر علامات غلبة البلغم



ان غلب البلغم خلط الجسم

فثقل الرأس و طول النوم



و كسل و قلة في الشهوه

والامتلاء بقياس القوه



و كسل في المشي أو بلادة

الي رخاوة بغير عادة



و سيلان الريق والتهيج

ولونه لون بياض يسمج



والنبض فيه غلظ بطي ء

والبول خاثر غليظ ني ء



و لا يصيب عطشا و ان يكن

فبلغم مالح او فيه عفن



و كل ما يبرد من رطب الغذا

و عمر الشيخ و أوقات الشتا



بلا رياضة و لا حمام

و ربما أسرف في الطعام



والبلد الرطب من الأنهار

و نومه يحلم بالبحار



و يشتكي في نومه الكابوسا

و لا يجيد هضمه الكيلوسا



و ان رأيت لازم الأعراض

من الضروريات في الأمراض



قد لزمت في حالة صحاحا

فكن علي زوالها ملحاحا



الأمزجة الأربعة في جسم الانسان:

و في جسم الانسان تمثيل لهذه الطبائع الأربع والعناصر الاربعة، و هي الامزجة الأربعة: الدم والبلغم والمرة الصفراء والمرة السوداء. و لكل واحد منها صفات و مكان ينبع منه و لها تأثير علي مزاج الانسان و حركته و سكونه.

و نفصل ذلك فيما يلي:

1- الدم: و هو سكن الرطوبة والحرارة و ينبوعه الكبد. و مكانه العروق (الأوعية الدموية) و سلطانه في سطح البدن و مقدم الرأس. والذي يلحق النفس من أعراضه: قوة الشهوة للنساء مع غزارة الجماع و غزارة الشعر و نعومته، و كثرة الدم. و خاصيته طبعه في المعدة سرعة الهضم و سهولته و نفوذ الغذاء و تغيره و اجادته و احالته الي جوهر الدم واللحم.

و صاحب الطبع الدموي Sanguineous Temperament قوي الشكيمة، كثير الحركة، سريع الغضب. و خلق الله عزوجل كما يقول الرازي اللحم والدم والعصب والعروق والقلب والصدر والكلي والانثيين (الخصيتين) والعضلات واللسان واللوزتين اللهاة من جوهر الدم. و كذلك ما كان رطبا من الجلد.

2- البلغم Phlegm: و هو سكن البرودة والرطوبة. و خلق الله (كما يقول الرازي) الدماغ والرئة، و كل ما في البدن من الاعضاء الباردة والرطبة من البلغم.. فجميع ما نتعارف اليوم عليه بأنه الجهاز العصبي مخلوق حسب هذه النظرية من البلغم و كذلك الجهاز التنفسي لأن من القصبات الهوائية والانف يخرج البلغم (النفث والبصاق). والبلغم قسمين: قسم من الدماغ و هو ينصب كما ينصب الندي من الجو و سلطانه في مؤخر الصدر و تجتمع أثقاله في مغارة الصلب والظهر كما يقول الرازي:

و قسم من الرئة و يطفو الي أعلي حتي يخرج من الحلق والأنف.

و يلحق النفس من اعراضه (المزاج البلغمي) phlegmatic Temperament و علاماته: العجز والكسل والفتور والثقل والنسيان و ابطاء الجواب والسكون و قلة الحركة والحلم واللين. و يلحق الجسم من أعراضه: السعال و قلة الشهوة للنساء والسلاسة، والارتعاش والفالج (الشلل) و خاصية طبعه في المعدة: تزيد الوهج الكائن عند مرارة الأغذية والأشربة والأدوية و سائر المواد الواردة علي البدن. و ذلك أن المعدة تتقوي به اذا هو شكلها كما يتقوي النظر بالنظر والجنس بالجنس.

و مسكن البلغم في الرئة. و يتصل برده بنسيم الآناف (جمع أنف) الداخل من الحلق علي أنابيب الرئة ثم توصله الي القلب، اذ هي متصلة به. فيستريح بذلك القلب و يندفع عنه حدوث الحرارة الدخانية (النابعة من جوهر الدم) و تنتبه بذلك قوي النفس والحرارة الغريزية.

3- المرة الصفراء Yellow Bile: المرة الصفراء حارة يابسة نارية و تفرز من الحويصلة المرارية Gall Bladdes و هي لاصقة بالكبد لتعين الكبد علي طبخ الطعام.

و جل الله سلطان المرة الصفراء في اليافوخ Fontanelle، لخفتها و لطافتها و ارتفاعها. والاذنان من قسمتها و طبعها.

و لها من البدن ما هو حار و يابس و هي تجري مع الدم لازدواجها و مشاكلتها له كالدهن للسراج. و من خاصية طبعها في المعدة هضم الطعام و طبخه و كذلك حكمها في الكبد.

و يلحق النفس من أعراضها المزاج الصفراوي Bilious Temperament و علاماته: الحدة والطيش والضجر واللطافة والذكاء والنباهة والشجاعة والاقدام و شهوة النساء والحيطة و سرعة الجواب و كثرة الكلام والحركة. و تطلق لفظ Bilious في اللغة الانجليزية علي الشخص الضجر السئم المتشائم. و كذلك تطلق علي من يشعر بالغثيان والضيق.

و يلحق الجسم من أعراضها كل ما ظهر من دلائل الحار و اليابس و لها في المعدة و الكبد والامعاء خاصية العون علي نضج الطعام و هضمه.

4- المرة السوداء(Melancholy (Black Bile: مكونة من الأرض و مسكنها الطحال و سلطانها في البصر من الجانب الأيسر من البدن. و بها يكون الصمت و التفكير والحزن والثقل والابطاء والتثبت والنظر في العواقب. و لها من المعدة خاصية الدفع و امساك الطعام و انتباه الشهوة.

و منها المزاج السوداوي Melancholic Temperament والمقصود به الكئيب الحزين المتشائم المنقبض المسبب للكآبة. و منه كلمة الملانخوليا Melancholia و هي حالة سوداوية قد تعتري الانسان و تسبب له كآبة شديدة و يكون ذلك مصحوبا ببعض الهلوسات السمعية والبصرية والاعتقادات الزائفة مع آلام متوهمة في الجسم و لا يزال هذا الاسم يستخدم في الطب النفسي الي اليوم و في لغة البشر. و يسميها العامة المناخوليا و يقصدون بها الجنون.. و في كلامهم بعض الصحة. و المقصود به نوع من الذهان المصحوب بكآبة شديدة مع نوع من الجنون Manic - depressive psychosis او بعض حالات الشيزوفرينا.

باختصار هناك طبائع أربع و هي:

الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة.

و هناك عناصر أربعة صدرت عن تفاعلها و هي:

الماء والنار والهواء والتراب.

و لهذه الطبائع والعناصر تمثيل في جسم الانسان و هو ما يعبر عنه بالأمزجة الأربعة و هي:

المرة الصفراء (حارة و يابسة).

المرة السوداء (باردة و يابسة).

البلغم (بارد و رطب).

الدم (حار و رطب).

و قال ابن سينا في القانون: الأركان: أجسام بسيطة، هي أجزاء أولية لبدن الانسان و غيره، لا يمكن أن تنقسم الي أجسام مختلفة الصور، و يحدث بامتزاجها و اختلاطها الأنواع المختلفة من الكائنات و هي أربعة: اثنان خفيفان و هما: النار والهواء، و اثنان ثقيلان و هما: الأرض والماء. فالنار حارة يابسة، والهواء حار رطب، والأرض باردة يابسة والماء بارد رطب.

أي طبع كل طبع اذا خلي، و ما يوجبه، و لم يعارضه سبب من خارج، ظهر عن الأول حر محسوس، و حاله هي يبس، و عن الثاني محسوس و حاله: هي روبة و عن الثالث، والرابع برد محسوس، و يبس أو رطوبة، والرطب سهل القبول للهيئات الشكلية، سهل الترك لها، واليابس عسر القبول سهل الترك.

و مهما تخمر اليابس بالرطب استفاد اليابس قبولا للتمديد والتشكيل سهلا، و استفاد الرطب من اليابس حفظا لما حدث فيه من التقويم والتعديل قويا. و اجتمع اليابس بالرطب عن سببه، و استمسك الرطب باليابس عن سيلانه. والثقيلان: أعون في كون الأعضاء، و في سكونها، والخفيفان: أعون في كون الأرواح، و في تحريكها، و تحريك الأعضاء.

و اذا تصغرت أجزاء هذه الأركان الأربعة و تماست بعضها في بعض بقواها المتضادة، و كسر كل واحد منهما سورة كيفية الآخر، فاذا انتهي الفعل والانفعال بينهما الي حد ما حدث لذلك المركب كيفية متشابهة في اجزائه، هي المزاج، فتارة يغلب عليه الحرارة واليبس، و تارة الحر والرطوبة و تارة البرد واليبس، و تارة البرد والرطوبة و تارة أحد الوصفين، و تارة وسطا مطلقا.

و تحت ذلك أقسام بحسب العقل والواقع، هذا ما يتعلق بالاركان.

و أما الأخلاط: فالخلط: جسم رطب سيال يستحيل اليه الغذاء - أولا.

و أنواعه أربعة: الدم: هو حار رطب.

والصفراء: و هي حارة يابسة.

والبلغم: و هو بارد رطب.

والسوداء: و هي باردة يابسة.

و أفضل هذه الأنواع: الدم الطبيعي، و هو غذاء الأعضاء والبلغم الطبيعي، و هو قريب الشبه منه.

و تحتاج اليه الأعضاء كلها، لأنها اذا فقدت الغذاء الوارد اليها دما صالحا تحيله القوة دما و تغتذي [به].

و فائدته أيضا تندية المفاصل، والأعضاء الكثيرة الحركة فلا يعرض لها جفاف بسبب حرارة الحركة، و حاصل الأمران [أن] البلغم الطبيعي دم غير تام النضج، والصفراء الطبيعية هي رغوة الدم.

و اذا تولدت في البدن انقسمت قسمين: فيذهب قسم منها مع الدم، و ذلك ليخالطه في تغذية الأعضاء التي يستحق أن يكون في غذائها جزء صالح من الصفراء بحسب ما تستحقه القسمة، مثل الرئة، و يلطف الدم، و ينفذه في المسالك الضيقة.

و قسم يصفو الي المرارة، و له فوائد تخلص البدن من الفضل، و تغذية المرارة، و غسل المعي من الثفل والبلغم اللزج، و لذع المعي و لذع عضل المقعدة بالجاحة، و يخرج الي النهوض للتبرز.

والسوداء الطبيعية: هي ردي ء كثيف الدم المحمود و ثقله و عكره، و اذا تولدت في الكبد نفذ قسم منها مع الدم ليخالطه في تغذية الأعضاء التي يجب أن يقع في غذائها جزء صالح من السوداء مثل العظام، و ليشد الدم و يقويه و يكثفه.

و قسم يتوجه نحو الطحال، و فائدته: تنقية البدن عن الفضل و تغذية الطحال، و تقوية فم المعدة، و لذعه بالحموضة لينبه علي الجوع، و يحرك الشهوة.

و غير الطبيعي من الأنواع الأربعة: دم المزاج، و ما حصل فيه خلط ردي ء فاسد، و بلغم خالطه غيره فأفسده و صفراء خالطها غيرها، و سوداء احترقت عن أي خلط كان.

قال جالينوس: و لم يصب من زعم أن الخلط الطبيعي هو الدم لا غير، و سائر الاخلاط فضول لا يحتاج [اليها]، لأن الدم لو كان وحده: هو الخلط الذي يغذي الأعضاء لتشابهت في الامزجة والقوام، و ما كان العظم أصلب من اللحم الا و دمه دم جوهر صلب سوداوي، و لا كان الدماغ ألين منه الا و دمه دم مازجه جوهر لين بلغمي.

قال ابن سينا: و من الناس من يظن أن قوة البدن تابعة لكثرة الدم، و ضعفه تابع لقلته، و ليس كذلك، بل المعتبر حال رزء البدن منه.

قال: و من الناس من يظن أن الاخلاط اذا زادت، او نقصت بعد أن تكون علي النسبة التي يقتضيها بدن الانسان في مقادير بعضها عند بعض، فان الصحة محفوظة، و ليس كذلك، بل يجب أن يكون لكل واحد من الأخلاط مع ذلك تقدير في الكم محفوظ ليس بالقياس الي خلط آخر، بل في نفسه مع حفظ التقدير الذي بالقياس الي غيره.

و أما كيفية تولد الأخلاط، فالغذاء اذا ورد علي المعدة استحال فيها الي جوهر شبيه بماء الكشك الثخين، و يسمي كيلوشا، و ينجذب الصافي منه الي الكبد، فيندفع من طريق العروق المسماة بأساريقا، و ينطبخ في الكبد فيحصل منه شي ء كالرغوة، و شي ء كالرسوب، و قد يكون معهما شي ء محترق ان افرط الطبخ، و شي ء فج ان قصر الطبخ فالرغوة هي الصفراء الطبيعية، والرسوب: هي السوداء الطبيعية، والمحترق صفراء غير طبيعية، و كثيفة سوداء غير طبيعية، والفج: هو البلغم، والمتصفي من هذه الجملة نضجا هو الدم.

فاذا انفصل هذا الدم عن الكبد تصفي ايضا عن مائية فضلية، فينجذب الي عرق نازل الي الكليتين و معها جزء من الدم بقدر غذاء الكليتين، فتغذوهما، و يندفع باقيها الي المثانة والاحليل.

و أما الدم الحسن القوام، فيندفع الي العرق الاعظم الطالع من حدبة الكبد فيسلك في الأوردة المتشعبة منه، ثم في جداول الأوردة، ثم في سواقي الجداول، ثم في رواضع السواقي، ثم في العروق الليفية الشعرية، ثم يرشح فوهاتها في الأعضاء بتقدير العزيز الحكيم.

[6] انما خص عليه السلام تلك الأعضاء لأنها العمدة في قوام البدن، والمنبع لسائر الاعضاء.

[7] في القاموس: الشرسوف - كعصفور - غضروف معلق بكل ضلع، او مقط الضلع، و هو الطرف المشرف علي البطن.

[8] كأنه عليه السلام خص الدم بهذه الأعضاء لأنه لكثرة العروق والشرايين فيها يجتمع الدم فيها أكثر من غيرها، و لأنها محل الاحساسات والادراكات، و هي انما تحصل بالروح الذي حامله الدم. و خص البلغم بالصدر لاجتماع البلاغم فيها من الدماغ و سائر الأعضاء، و تكثر الريح فيها باستنشاق الهواء و خص الشراسيف بالصفراء لقرب الحرارة التي هي مجتمع الصفراء منها، أو لكون تلك المرة أدخل في خلقها و خص أسفل البطن بالسوداء لأن الطحال الذي هو محلها فيه.

[9] اذ هو مسلط عليه، اذ بوصول البخارات الرطبة اليه و استرخاء الأعصاب و تغليظ الروح الدماغي يستولي النوم الذي يوجب سكون الحواس الظاهرة و به قوام البدن و قوته لاستراحة القوي عن حركاتها و احساساتها، و به يستكمل هضم الطعام و الأفعال الطبيعية للبدن، لاجتماع الرارة في الباطن.

[10] في بيان أوقات النوم:

قال العلامة المجلسي (رحمه الله): اعلم أن النوم بعد طلوع الفجر الي طلوع الشمس، و وقت صلاة الليل و بعد صلاة العصر مكروه، و يستحب النوم قبل الظهر في وقت الحر و بعد صلاة الظهر الي العصر.

عن علي بن الحسين عليه السلام قال: يا أباحمزة لا تنامن قبل طلوع الشمس فاني أكرهها لك، ان الله يقسم في ذلك الوقت أرزاق العباد و علي أيدينا يجريها.

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: ما عجت الارض الي ربها عزوجل كعجيجها من ثلاثة: من دم حرام يسفك عليها، او اغتسال من زنا، أو النوم عليها قبل طلوع الشمس.

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: النوم من أول النهار خرق والقائلة نعمة والنوم بعد العصر حمق، و بين العشاءين يحرم الرزق.

عن أميرالمؤمنين عليه السلام قال: النوم بين العشاءين يورث الفقر، والنوم قبل طلوع الشمس يورث الفقر.

عن الصادق، عن أبيه عليه السلام قال: ان اعرابيا أتي النبي صلي الله عليه و آله و سلم فقال: يا رسول الله اني كنت رجلا ذكورا فصرت نسيا، فقال له النبي صلي الله عليه و آله و سلم: لعلك اعتدت القائلة فتركتها؟ فقال: أجل، فقال له النبي صلي الله عليه و آله و سلم: فعد يرجع اليك حفظك ان شاء الله.

في سائر آداب النوم:

ورد في الحديث أنه اذا أراد احدكم النوم فليضع يده اليمني تحت خده الأيمن و أن يستلقي علي جانبه الايمن في مقابل القبلة.

- في خبر الشامي أنه سأل أميرالمؤمنين عليه السلام عن النوم علي كم وجه هو؟ فقال أميرالمؤمنين عليه السلام: النوم علي أربعة أصناف: الأنبياء تنام علي أقفيتها مستلقية و أعينها لا تنام متوقعة لوحي ربها عزوجل، والمؤمن ينام علي يمينه مستقبل القبلة، والملوك و أبناؤها علي شمائلها ليستمرؤا ما يأكلون، و ابليس و اخوانه و كل مجنون و ذو عاهة ينامون علي وجوههم منبطحين.

- قال أميرالمؤمنين عليه السلام: لا ينام الرجل علي المحجة و قال: لا ينام الرجل علي وجهه و من رأيتموه نائما علي وجه فأنبهوه و لا تدعوه. و قال أميرالمؤمنين عليه السلام: اذا أراد أحدكم النوم فليضع يده اليمني تحت خده الايمن، فانه لا يدري أينتبه من رقدته أم لا.

و قد وردت الأحاديث الكثيرة التي تحث علي النوم علي الجانب الايمن.

[11] كما قاله الأطباء، لنزول الغذاء الي قعر المعدة.

[12] قال الأطباء: ليقع الكبد علي المعدة و يصير سببا لكثرة حرارتها فيقوي الهضم.

[13] لعل المعني: ثم انتقل الي شقك الأيمن، ليكون قيامك من النوم عن الجانب الذي بدأت بالنوم عليه اولا، و هو اليمين.

و هذا ايضا موافق لقول الأطباء، و عللوه بانحدار الكيلوس الي الكبد، و هذا التفصيل مخالف لظواهر كثير من الأخبار الدالة علي أن النوم علي اليمين أفضل مطلقا، ولو كان هذا الخبر معادلا في السند لها لأمكن حملها عليه.

[14] تدبير النوم:



لا تطل النوم فتؤذي النفسا

و لا تؤرقها فتؤذي الحسا



و طول النوم لغير المنهضم

من الطعام و علي اثر التخم



و لا تطل نوما بوقت الجوع

تبخر الرأس من الرجيع



ثم باستناد اثر الطعام

حتي يحل موضع انهضام



تعديل النوم واليقظة:

و أما النوم واليقظة فأصناف تعديلهما: بأن يكونا في الوقت الذي ينبغي.

- أعني علي الطعام مقدار ما يتخفف علي المعدة. و مقدار الوقت، المفروض بالطبع بالاعتدال (للنوم)، هو قريب من اثني عشر ساعة موزعة، أكثرها ليلا، و مقدار ساعة أو ساعتين نهارا، ان كان يتغذي، و ان لم يتغذ فالقيلولة مكروهة له، الا بسبب من الاسباب الموجبة للراحة، عن تعب شديد، أو غضب مفرط، أو فكرة و غم.

- والسهر المفرط ضار، لا سيما لأصحاب الأبدان النحيفة والامزجة الحارة.

- والنوم المفرط ضار، لا سيما لأصحاب الابدان العبلة الممتلئة.

النوم و آدابه:

سبحان الله ربنا، خلق كل شي ء فأبدعه، و صور كل شي ء فأتقنه. خلق الانسان في هذه الحياة الدنيا و يسر له الظروف والشروط المناسبة لعيشه و تمام حياته، و جعل له فيه و فيما حوله آيات بينات عله يهتدي الي الطريق القويم، و يحصل علي الثمرة المرجوة، ألا و هي الايمان بالله جل و علا، و من ثم قيامه بما يستوجبه ايمانه هذا من عبادة و عمل و شكر و دعاء. قال الله تعالي: (ان في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس و ما أنزل الله من السماء من ماء فأحيا به الأرض بعد موتها و بث فيها من كل دآبة و تصريف الرياح والسحاب المسخر بين السماء والأرض لآيات لقوم يعقلون) [البقرة: 164] و لقد جعل الاله الحكيم الليل آية من أعظم الآيات، فقال: (و هو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا) [الفرقان: 62] و قال أيضا: (و من آياته منامكم بالليل والنهار و ابتغاؤكم من فضله ان في ذلك لآيات لقوم يسمعون) [الروم: 23].

فالانسان مفطور علي أن يسعي و أن يجد في سبيل كسب عيشه في نهاره، حتي اذا حل الليل و أدلج سكن هذا الانسان و أخلد الي فراشه بعد أن أضناه التعب.

و لكن ما هو النوم؟

«النوم هو حالة طبيعية متكررة، يتوقف فيها الكائن الحي عن اليقظة.. و تصبح حواسه معزولة نسبيا عما يحيط به من أحداث».

والنوم لغة هو النعاس أو الرقاد.

و للنوم عناصر تحدده، تقول دائرة المعارف البريطانية (1989 م): «يتميز النوم بثلاثة عناصر:

الأول: أنه قابل للعكس.

الثاني: أنه عفوي.

الثالث: أنه متكرر.

و كل الحيوانات الثديية.. علي اختلاف أنواعها.. تنام، و يحدث عندها.. في تخطيط دماغها.. تغيرات مماثلة لما يحدث عند الانسان.

و لا ينطبق تعريف النوم عند الانسان علي الحيوانات الأدني مرتبة من الطيور أو الزواحف».

للنوم نوعان: هما:

النوم التقليدي والنوم المتناقض:

1- النوم التقليدي Ortodox sleep.

و هو النوم الهادي ء، و يشكل (80% )تقريبا من مجمل فترة النوم. في هذا النوع من النوم يتباطي ء نشاط الدماغ، فتصبح أمواج الدماغ أبطأ و أكثر عمقا، و تتدني عمليات الاستقلاب. و هو يمر في أربعة مراحل:

المرحلة الأولي: مرحلة النعاس Dozing: وهي تشكل (10-5% )من مجموع فترة النوم.

المرحلة الثانية: مرحلة النوم الخفيف Light sleep: تشكل هذه المرحلة (50%)من وقت النوم، أي نصف ما ينامه الانسان.

المرحلة الثالثة: مرحلة النوم العميق Deep sleep: تشكل حوالي (15%)

المرحلة الرابعة: مرحلة الأمواج البطيئة Slow- wava sleep: تشكل (10%) تقريبا.

و تسيطر المرحلتين الثالثة والرابعة (أي مراحل النمو العميقة) علي الثلث الأول من النوم. و خلال فترة النوم التقليدي (الهادي ء) يحصل الجسم علي راحته، و يعوض ما خسره من نشاط خلال فترة يقظته، كما أشارت لذلك دائرة المعارف البريطانية (طبعة 1989 م).

2- النوم المتناقض Paradoxical sleep:

و هو النوم الحالم، و يزداد نشاط الدماغ هنا، فتكون أمواجه مشابهة لتلك المسجلة في حالة اليقظة. و يتسرع التنفس، و تزداد ضربات القلب، و يرتفع الضغط الدموي. و يشغل هذا النوم 20% من مجمل فترة النوم.

و هكذا فان النائم يمر في مراحل النوم المختلفة وفقا لما يسمي دورات النوم. و يختلف عدد هذه الدورات من شخص لآخر، و هي علي العموم من ثلاث الي ست دورات. يتنقل الشخص خلالها و بالتدريج من مراحل النوم الهادي ء، فيبدأ بالنعاس فالنوم الخفيف فالنوم العميق ثم يصل الي مرحلة الأمواج البطيئة، و حتي يصل الي قمة استغراقه في النوم في مرحلة النوم المتناقض، ينتقل بعد ذلك و بترتيب عكسي الي النوم الهادي ء، و هكذا دواليك تتوالي دورات النوم تلو الدورات، حتي يحصل المرء علي حاجته من النوم، ثم يستيقظ الي أن ينعس من جديد.

فوائد النوم:

لا يزال السؤال عن فائدة النوم محيرا، لم يعرف سببا لحدوثه، فلا أحد يملك الاجابة عن التساؤل التالي: لماذا ننام؟

ان النظرية الراجحة تقول: ان وظيفة النوم الهادي ء هي ترميم و اعادة بناء المواد المستهلكة خلال فترة اليقظة. أما النوم المتناقض فيعمل علي شحذ القدرة الذهنية والعقلية و تهيأتها من جديد للعمل في يوم تال.

و لكن ماذا يحدث اذا حرم الانسان من النوم؟

بشكل عام يؤدي الحرمان من النوم الي رد فعل واضح يختلف باختلاف فترة الحرمان، ففي فترات الحرمان القصيرة ليوم أو يومين يحدث شعور بالتعب و نقص في القدرة علي التركيز و المحاكمة العقلية، أما في فترات الحرمان الطويلة الأمد، كأن امتد الحرمان أسبوعا فان المرء سوف يصاب بالاهلاسات والهذيان، و اذا امتد الحرمان لفترة أطول فانه سوف يتوفي.

و هكذا فان النوم «ضرورة حياتية». حيث تبين أن الانسان عاجز عن تحمل الحرمان من النوم بالقدر الذي يتحمل فيه الجوع.

و بالطبع تحمل قلة النوم مخاطرا كتلك التي يسببها الحرمان من النوم، و لكن بدرجة خفيفة لا تظهر الا علي المدي البعيد.

ما مقدار حاجتنا من النوم؟

الاجابة علي هذا التساؤل تبدو محيرة كما الاجابة علي السؤال الذي سبق و طرحته عن المغزي من النوم.

تختلف الحاجة من النوم باختلاف الأشخاص، فلا يمكننا أن نحددها بعدد معين! و علي كل حال فان عدد ساعات النوم تتراوح بين / 6 و 9 / ساعات عند البالغين، و هي عند حديثي الولادة تقدر ب / 16 / ساعة في اليوم، و تنخفض في السنة الثانية من العمر فتصبح / 12-9 / ساعة.

1- النوم علي البطن:

أ- لا يتمدد القفص الصدري هنا بسهولة فتحدث زلة «عسر تنفس» Dyspnea.

ب - تضغط الأحشاء البطنية و قد ترض.

ح - تنثني الفقرات الرقبية لأن النائم يضطر لتدوير وجهه الي أحد الجانبين.

د- نظرا لأن هذا الوضع يؤدي لاحتكاك الأعضاء التناسلية بالفراش، فانه يؤدي الي التهيج الذي يدفع لممارسة العادية السرية.

ه- ان وضعية الاضطجاع علي البطن تكون مفيدة عند الرضع. فهي تسهل التجشؤ، و تساعد علي اخراج الغازات من الأمعاء، كما تقوي عضلات الذراعين عندما يحاول الطفل رفع رأسه، كما تقوي عضلات الظهر عندما يحاول رفع جسمه، و هي تساعد علي عدم تشويه الرأس والصدر عندهم، مع مراعاة أن يغير وضع الرأس كل يوم فيوم الرأس باتجاه اليمين و يوم باتجاه الشمال.

2- النوم علي الظهر:

أ- تؤدي هذه الوضعية من النوم الي التنفس عن طريق الفم، نظرا لأن الفك السفلي ينخفض للأسفل، فانه يؤدي لفتح الفم والتنفس عن طريق الفم يؤدي لجفاف الحلق الذي يؤهب للزكام والانتانات التنفسية، كما أن الهواء المستنشق عن طريق الفم - علي خلاف المستنشق فويا - لا يتنقي و لا يترطب و لا يدفي ء.

ب - يكثر الشخير عند من ينامون علي ظهورهم لأن شراع الحنك واللهاة يعيقان التنفس.

ح - هذه الوضعية غير مناسبة للعمود الفقري لأنه ليس مستقيما و انما يحتوي انثناءين رقبي و قطني.

د- قد تسبب هذه الوضعية الاختناق عند الأطفال و بعض المرضي.

ه- النوم علي الظهر عند الأطفال يؤدي لتفلطح الرأس اذا ناموا بهذه الوضعية مدة طويلة.

و- تثير هذه الوضعية الخيالات الجنسية و تدفع النساء لممارسة العادة السرية.

3- النوم علي الجانب الأيسر:

أ- نظرا لأن القلب موجود علي الجانب الأيسر، لذا فانه يقع تحت ضغط الرئة اليمني التي هي أثقل من الرئة اليسري، و هذا يؤثر علي وظيفة القلب و يقلل نشاطه، و لا سيما عند كبار السن.

ب - تضغط المعدة أيضا - و خاصة اذا كانت ممتلئة - علي القلب فتعيق عمله.

ح - الكبد الذي هو من أثقل أحشاء البطن لا يكون ثابتا بل معلقا بالأربطة، نظرا لأنه يتوضع في الجانب الأيمن.

د - الكبد أيضا يضغط علي المعدة مما يؤدي الي تأخير افراغ محتواها، ففي تجربة أجراها (غالتيه بواسيير). وجد أن مرور الطعام من المعدة الي الأمعاء يستغرق / 4,5 - 2,5 / ساعات عند النوم علي الجانب الأيمن بينما يستغرق 8-5 ساعات في حال النوم علي الجانب الأيسر!

4- النوم علي الجانب الأيمن:

أ- يقع القلب تحت ضغط الرئة اليسري التي هي أخف من اليمني، فهي تتكون من فصين بينما اليمني من ثلاثة فصوص.

ب - يكون الكبد في هذه الوضعية من النوم مستقرا فلا يشد أربطة و لا يضغط علي المعدة التي يسهل عملها و يصبح افراغها سهلا.

ج - من تمام هذا الوضع أن توضع الساق العليا في مقدم الساق اليسري، مع ثني الركبتين كل بما يلائمه هذا بغية سند عظام الحوض.

كما يوضع مرفق الذراع اليمني فوق الفراش، و توضع اليد اليمني تحت الخد الأيمن للحفاظ علي استقامة العمود الظهري، و تقوم الوسادة بسند الرأس فيبقي العمود الرقبي مستقيما.

5- المرحلة بين الاضطجاع والاستيقاظ:

أ- الاطمئنان في النوم:

لقد تكفل ديننا بأن من يتبع الخطوات التي رسمها و حددها، لابد أن يصل الي السعادة في الدنيا قبل الآخرة، و في الأصل هذه هي الحكمة من تشريع الله لنا و ارساله رسله مبشرين و منذرين.

و ينطبق علي النوم ما ينطبق علي غيره من جوانب الحياة، و سوف أذكر لك دراسة أجرتها «استأنس لا و ماليناك» و هي دراسة للحركة أثناء النوم و حصلت بموجبها علي درجة الدكتوراه من جامعة جنيف عام 1934 م.

فقد لاحظت أن هؤلاء الناس الذين أجرت عليهم الدراسة قسمين قسم نام نوما هادئا و قسم أخذ يتقلب طيلة الليل:

أما الذين ينامون هادئين فهم احدي حالات أربع:

1- رجل نام مبكرا (والاسلام أمر بالنوم المبكر).

2- رجل تعرض في نهاره لارهاق جسدي.

3- رجل أرهق فكريا.

4- رجل صام كما يصوم المسلمون.

أما الذين يتقلبون في نومهم. فهم علي الاجمال تعرضوا لانفعالات مختلفة، و كان من بينهم رجل واصل الصيام فصام أكثر من يومين (والاسلام نهي عن الوصال في الصوم).

و هكذا أثبت العلم الحديث أن الخطوات الاسلامية تقود الي نوم هادي ء هاني ء.

النوم المفيد:

و قد تبين أن النوم المفيد «الحقيقي» هو الذي يحدث في المرحلتين الثالثة والرابعة اللتين هما مرحلة النوم العميق و مرحلة النوم العميق جدا و هما تشكلان جزءا من النوم الهادي ء، و مما يدل علي أن النوم الهادي ء هو النوم الذي يعطي الراحة والسكينة للجسم ما يلي:

1- ازدياد فترة النوم الهادي ء بعد القيام بمجهود بدني.

2- سيطرة النوم الهادي ء علي المراحل الأولي من النوم.

3- تطاول فترة النوم الهادي ء عند الحرمان من النوم كالسهر.

و تختلف نسبة هذه المراحل من دورة نومية لأخري في الليلة الواحدة.

فمرحلة النوم العميق جدا «المرحلة الرابعة يتوضع 73% منها في الدورة الأولي و 22% في الدورة الثانية و 5% في الدورة الثالثة، و يتوضع 60% من مرحلة النوم العميق «المرحلة الثالثة» في الدورة الأولي و 25% في الدورة الثانية و 15% في الدورة الثالثة.

و لما كان النوم المفيد حقا هو نوم المرحلتين الثالثة والرابعة فاذا ما نمنا نصف الليل ثم قمنا ثلثه ثم عدنا و نمنا السدس بعد ذلك نكون قد حصلنا: 73% به اضافه 3/22% به اضافه 2/5% مساوي 83% تقريبا من مجمل المرحلة الرابعة.

73% النوم خلال الثلث الأول من المرحلة الرابعة.

3/22% النوم خلال تكملة النصف الأول من المرحلة الرابعة.

2/5% النوم خلال السدس الأخير من المرحلة الرابعة.

60% به اضافه 3/25% به اضافه 2/15% مساوي 76% تقريبا من يحمل المرحلة الثالثة.

اذا نفذنا ذلك نكون قد نمنا 83% و 76% من فترتي النوم المفيدتين و بالتالي نكون قد حصلنا كفايتنا من النوم.

والانسان يترك نفسه علي سجيتها في استيقاظها بعد منتصف الليل فقد يستيقظ قبله و قد يستيقظ بعده، و هذا يخضع لمراحل النوم، حيث يستيقظ الانسان في نهاية الخامسة و بداية المرحلة الاولي، و يكون هذا الاستيقاظ صحيا حيث يكون المرء في اقرب درجات الصحو فلا يحس بحاجته للنوم علي خلاف فيما اذا أوقظه أحد ما فقد يوقظه في المرحلة الثالثة او الرابعة فينتقل فجأة من مرحلة النوم العميق الي اليقظة فيشعر بحاجة ملحة للنوم. و يمكن الاجابة من هنا علي التساؤل التالي: لماذا ننام ثم نفيق ثم ننام ثم نفيق لأداء صلاة الفجر؟ ما هذا الازعاج.

لما كان النائم يمر في نومه بدورات متتابعة، فهو عندما يستيقظ فسوف يستيقظ في الفترة بين المرحلتين الخامسة والأولي أي في المرحلة الأخف عمقا من كل مراحل النوم و بالتالي ينتقل بالتدريج الي الصحو فهذا أمر غير مزعج علي الاطلاق، بل ان المرء نفسه يكون في حالة نوم سطحية جدا بل قد يكون في مرحلة صحو حقيقي.

يقول الدكتور أنور حمدي: «حيث أن الجسم تعتريه فترتا خمول خلال اليوم: الأولي بين الساعة الواحدة والثالثة بعد الظهر، والثانية قبل وجبة المساء بنحو ساعة!.

و ان النوم ظهرا يقلل من فعل موجة الخمول الأولي، و يفيد في مقاومة الموجة الثانية التي تأتي في المساء!.

كما أن النوم ظهرا يمهد السبيل لنوم عميق أثناء الليل، بعكس ما يظن!.. فقد دلت البحوث التي أجريت في هذا الصدد علي أن نوم الظهر لا يحول دون النوم الهادي ء ليلا، اذا كانت مدته لا تزيد عن الساعة!.. بل ان بعض الأخصائيين الآن يعدون هذا النوم علاجا مفيدا للأرق!.. لأن المرء حيث يسترخي مرة أثناء النهار يصبح من السهل عليه أن يسترخي بسرعة ساعة النوم ليلا!!..»

وظائف الجسم أثناء النوم:

ان كثيرا من العمليات في الجسم، اذا حل النوم اتخذت لها مكانا خلفيا. فاذا بدرجة حرارة الجسم و قد هبطت عدة أعشار من الدرجة، و اذا بمعدلات التنفس والنبض قد تناقصت، و اذا بضغط الدم قد انخفض. كأن عمليات القياس التي تنصب علي «هورمون الشدائد والأزمات» أو الكورتيزول، الذي تنتجه القشرة الخارجية من الغدد الأدرينالية، تكشف عن مستويات أدني أثناء النوم منها في حالات اليقظة السابقة. بينما نجد أن الموقف عكس ذلك بالنسبة لهورمون النمو الذي يصل الي مستويات مرتفعة جدا أثناء المرحلة الأولي من النوم العميق. و لعله من الممكن أن هذه التغيرات الهورمونية التي تعقب بداية النوم تسبب تنشيطا لعمليات البناء في الأيض أو التمثيل الغذائي. و علي خلاف نوم انعدام الحركات السريعة للعينين، نجد أن نوم الحركات السريعة للعينين يصحبه ازدياد النشاط في وظائف الجسم. و عندما تبدأ فترة نوم الحركات السريعة للعينين، يصبح التنفس غير منتظم، كما تظهر فترات قصيرة من التذبذب و عدم الانتظام في النبض و ضغط الدم. و في هذه المرحلة من النوم أيضا نجد الظاهرة النمطية المعروفة للذكور و هي انتصاب القضيب. و هي، و ان كانت قد تم وصفها في سنة 1940، لم تدرس دراسة منهجية الا بعد أن تم اكتشاف نوم الحركات السريعة للعينين. فقد أمكن باستخدام جهاز لقياس التغيرات في حجم القضيب أن نسجل «رسما للقضيب Phallogram» في الوقت نفسه الذي نرصد فيه السجل الكهربائي للمخ (س ك م). والواقع أن الانتصاب في أثناء النوم لا يقتصر وقوعه علي الكبار فقط و انما هو يحدث عند الأطفال والرضع كذلك. و رسم القضيب يستخدم اليوم في الطب الاكلينيكي لأغراض التشخيص: اذ نستعين به علي تحديد أن كانت العنة (أو العجز الجنسي) راجعة الي سبب عضوي (خلل في الأعصاب علي سبيل المثال) أو الي أسباب نفسية. ذلك أن النوع الثاني من العنة لا يمنع من وقوع الانتصاب أثناء النوم. ثم ان هناك، من قبل أن نستيقظ بفترة غير قصيرة، اشارات معينة تنبي ء باقتراب النوم من نهايته، فتبدأ درجة حرارة الجسم و مستوي الكورتيزول في الارتفاع، و يكثر النائم من تغيير أوضاع جسمه. و يبدو الأمر و كأن الكائن العضوي يعد نفسه، خلال الجزء الأخير من النوم، لاستقبال فترة زمنية من الاستيقاظ.

وسائل لتحسين النوم:

ما الذي يستطيع الناس الذين يتعذر عليهم النوم أن يفعلوه؟ هل ينبغي لهم أن يستشيروا طبيبا أم أن يحاولوا بعض أنواع العلاج المنزلي؟ و هل الأقراص المنومة هي الحل الفعال الحقيقي، أم أن هناك امكانات أخري؟ و هل الأرق يضر بصحة هؤلاء الناس؟ هذه هي بعض الأسئلة التي يسمعها الباحثون في النوم مرارا و تكرارا. و نبدأ بمواجهة السؤال الأخير أولا. ان بعض الناس ينشغل بالهم اذا ساء نومهم ليلة أو ليلتين و يركبهم الهم خشية أن تتأثر صحتهم لذلك. و نقول أن أمثال هذه المخاوف لا أساس لها، و أن كل واحد من الناس تقريبا يخبر في بعض الأحيان فترات مؤقتة قصيرة من النوم السي ء، و في العادة لا تدعو الحاجة الي علاج خاص، كما أنه لا دليل هناك علي أن الفترات العابرة من الأرق يكون لها أثر ضار علي الحالة العامة للفرد أو صحته. أما ان أصبح الأرق أكثر خطورة و أكثر تكرارا، كان من الواجب أن نبحث عن الأسباب المحتملة. هل لدي مشاكل لا أستطيع أن أطردها من ذهني؟ هل للتوترات في حياتي الشخصية أو المهنية أثر سلبي علي نومي؟ هل هناك أعمال مجهدة أو عصبية تشغل ساعات المساء في حياتي، بحيث تكون نتيجة ذلك أن تظل المشاكل تدور و تدور في رأسي بالليل؟ أم هل انني أفرط في التدخين في المساء، و هذا هو السبب في أنني لا أستطيع النوم؟

ان في استطاعتنا أحيانا أن نصلح من النوم بمجرد اتباع «قواعد الصحة المتصلة بالنوم»:

1- كون لنفسك موعد نوم منتظم: فالنوم جزء من ايقاع بيولوجي علي امتداد أربع و عشرين ساعة، و من الواجب لذلك أن يشغل الطور نفسه من كل دورة. و مواعيد النوم غير المنتظمة قد يكون لها تأثير سلبي علي النوم.

2- خصص ساعات المساء للأنشطة الترويحية والاسترخاء: الأنشطة المجهدة الجسمية أو الذهنية قد تؤدي الي سوء النوم. كذلك يحسن أن نتجنب تناول الوجبات الثقيلة في المساء.

3- تجنب القيلولة: ينبغي للناس الذين يجدون صعوبة في النوم بالليل أن يتجنبوا النوم أثناء النهار، و ذلك حتي لا ينتقصوا من حاجتهم الي النوم بالليل.

4- تجنب الكافيين، والكحول، والنيكوتين: المشروبات التي تحتوي علي الكافيين (القهوة والشاي والكوكاكولا) والافراط في التدخين يحدث تأثيرا منبها علي الجهاز العصبي و ينبغي تجنبها في ساعات المساء.

5- عليك أن توفر الظروف المشجعة علي النوم: قد يعين علي الراحة الطيبة أن تكون الغرفة مظلمة هادئة غير ذات درجة حرارة مرتفعة و أن تكون جيدة التهوية. و من الواجب أن يكون السرير كبيرا بدرجة كافية تسمح بالتقلب والحركة. و كثير من الناس يفضلون أن يناموا علي مرتبة مسطحة ليست شديدة الطراوة أو اللين و انما تكون أقرب الي الصلابة أو القوة.

ان هذه المبادي ء البسيطة تستطيع وحدها أن تصلح من نوع النوم.. أما ان ظل النوم متقطعا بالليل فان من الحكمة أن ينهض المرء من فراشه، و أن ينشغل بشي ء آخر من القراءة أو الحياكة بدلا من أن يرقد يقظا في فراشه. فان بلغ الأرق حدا خطيرا، وجبت استشارة الطبيب بالتأكيد.

و هناك عدة تمرينات أو طرق للاسترخاء ينصح بها لاستجلاب النعاس. و استخدام هذه التدريبات يرتكز علي افتراض مؤاده أن كثيرا من مشكلات النوم تنشأ عن التنشيط المستمر للكائن الحي، تنشيطا يتخذ صورة توتر عضلي بالغ، و نبض شديد السرعة، و درجة حرارة مرتفعة قليلا. و لكن هذا الافتراض لا يستند الي أدلة كافية، و ذلك لأن علاقة العلية (العلة - المعلول) فيما بين تنشيط الكائن الحي العضوي من ناحية والأرق من ناحية أخري لم تثبت أو تتدعم حتي الآن.

و أساليب الاسترخاء تهدف الي خفض وظائف الجسم زائدة النشاط. و من ضمن الصور المألوفة من هذا النوع من العلاج طريقة «التدريب ذاتي النشأة»، و هي طريقة تدرب الناس علي أن يركزوا جهدهم في أن يحدثوا في أنفسهم احساسات بالثقل والدف ء في أطرافهم بحيث ينتهي الأمر الي استرخاء مهدي ء للعضلات.. و من الطرق الأخري في هذا المجال «الاسترخاء التدريجي المتزايد» و كذلك «التدريب بالتغذية المرتدة علي التحكم في السجل الكهربي للعضلات». و تتألف الطريقة الأخيرة من تسجيل النشاط الكهربي في العضلات الارادية (EMG- electromyogram) مع تنبيه المفحوص الي شدتها عن طريق أزيز أو جرس (و من هنا جاء مصطلح التغذية المرتدة). و علي المفحوص أن يتعلم منع وقوع الأزيز أو الجرس لفترات يحاول أن يجعلها أطول و أطول و بذلك تتحسن قدرته علي الاسترخاء. و علي الرغم من أن هذه الطرق أفادت في علاج بعض المرضي بنجاح الا أنه لم يثبت أنها تفيد في علاج كل أنوع الأرق. و القول نفسه يصدق أيضا علي العلاج النفسي الذي يكون التركيز فيه علي الصراعات التي يفترض أنها تكمن وراء اضطرابات النوم. والواقع أن التقدير الدقيق لفعالية هذه الأنواع من علاج النوم التي لا تنطوي علي استخدام العقاقير عملية صعبة غير سهلة، و ذلك لأن أسباب الأرق كثيرة و متشعبة و لأن المعايير الموضوعية التي تقيس التحسن لا يسهل الاهتداء اليها. و لذلك نقول أن الأحكام النهائية العامة عن مزايا هذه الطرق لا يمكن التوصل اليها بعد. و لو أن كل هذه الطرق، مع ذلك، تشترك في مزية واحدة بالتحديد و هي أنها لا تنطوي علي مخاطر الآثار الجانبية التي نجدها في العلاج بالعقاقير. ثم مزية أخري هي أن هذه الطرق تدفع المصابين بالأرق الي أن ينشطوا و الي أن يتناولوا مشكلاتهم بأنفسهم بدلا من أن يقبعوا في انتظار أن تأتيهم المساعدة من خارج ذواتهم. ذلك أن العلاج بتناول الاقراص المنومة لا يتطلب من المرضي الا قدرا ضئيلا من التعاون أو المبادرة، و كل ما في الأمر أنهم يبتلعون الدواء الذي وصف لهم ثم يرقبون أو ينتظرون أن تتولي الكيمياء عمل ما يلزم بعد ذلك. و هم عندما يتناولون هذه الأقراص الليلة بعد الليلة ينتهي أمرهم الي الاقتناع بأنهم لن يتمكنوا من النوم بدونها. و من شأن هذا «العكاز الدوائي أو الفارماكولوجي» أن يؤدي الي اتكالية دائمة، اذ أن المرضي لا يحاولون البحث عن أسباب أرقهم بأنفسهم. و علينا أن نؤكد هنا مرة أخري أن الأقراص المنومة ليست علاجا و انما هي مجرد وسيلة لجلب الارتياح المؤقت. فالأمر هنا أشبه بالأمر في حالة الألم، بمعني أن استخدام الدواء ينبغي أن يعد خطوة أولي لا بد من أن يعقبها العلاج الحق الصحيح لعلل المريض.

الصحة و طول فترة النوم:

و حتي نختتم موضوع فترات النوم الطويلة والقصيرة، نتجه الآن الي دراسة أخاذة للعلاقة بين طول فترة النوم والصحة، دراسة كانت نتيجتها أنها أثارت من الأسئلة أكثر مما توصلت اليه من الاجابات. فعلي الرغم من أن النوم كان ينسب اليه الفضل في اعادة الصحة والقوة الي المرء منذ أقدم الأزمنة، الا أن هذا الزعم لم يكد يتعرض للتمحيص العلمي المنهجي. و منذ وقت ليس ببعيد نشر طبيب الأمراض العقلية الأمريكي دان كريبكه (Dan Kripke) و أعوانه بعض النتائج المتصلة بهذه المسألة. والحجة أو البرهان الذي يستندون اليه مستمد من دراسة مسحية لأكثر من مليون شخص من الراشدين الكبار ممن تجاوزت أعمارهم الثلاثين، دراسة أجرتها جمعية السرطان الأمريكية في سنتي 1960-1959. و علي الرغم من أن البحث لم يكن يتصل في أساسه بالنوم، الا أنها تضمنت أسئلة عن طول فترة النوم، و عن استخدام أقراص النوم، و عن اضطرابات النوم المحتملة. و بعد مرور ست سنوات من اجراء هذا المسح أجريت دراسة ثانية لتحديد أعداد الناس ممن شملهم المسح الذين ماتوا و أسباب موتهم. و قد تم الكشف عن علاقة مذهلة فيما بين طول فترة النوم و معدل الوفيات. كان أدني معدل للوفيات ينتشر بين الناس الذين تقع فترة نومهم بين سبع ساعات و ثماني ساعات كل ليلة؛ ثم ان هذا المعدل كان يزداد و يرتفع ارتفاعا ذا دلالة عند من تزيد أو تنقص ساعات نومهم عن ذلك. (و معدل الوفيات هو النسبة فيما بين العدد الحقيقي للوفيات التي تحدث أو تقع من ناحية و بين أعداد الوفيات المتوقعة احصائيا عند كافة الناس من ناحية أخري). و في الشكل نعبر عن النتائج علي هيئة النسبة الي الفئة ذات أدني معدل للوفيات (أي الناس الذين يتراوح طول فترة نومهم فيما بين سبع ساعات و ثمانية). كان معدل الوفيات أكبر بمرة و نصف أو بمرتين فيما بين الناس من أصحاب فترات النوم الطويلة الي درجة متطرفة (أكثر من عشر ساعات)؛ كما كان معدل الوفيات أكبر بمرتين و نصف تقريبا عند أصحاب فترات النوم القصيرة الي درجة متطرفة (أي أقل من أربع ساعات)، و ذلك بالقياس الي مجموعة الناس الذين يقضون في النوم سبع ساعات أو ثمانية. و قد يرغب القاري ء الآن أن يتعرف علي أسباب الموت في المجموعات ذات معدلات الوفيات العالية. الجواب المذهل: كل أسباب الموت تقريبا كانت أكثر انتشارا. كان أصحاب فترات النوم القصيرة والطويلة علي السواء يموتون بمعدلات أكبر بسبب أمراض القلب، السرطان، والانتحار. كذلك لابد أن نذكر هنا بالمناسبة أن معدلات الوفيات بين من يتعاطون أقراص النوم بكثرة كانت ضعف معدل الوفيات عند من لا يتناولون أي دواء يساعدهم علي النوم.

فكيف اذن يمكن تفسير هذه النتائج؟ الظاهر كما بينت دراسة أخري مستقلة أن الناس الذين ينامون فترة تقل عن سبع ساعات أو تزيد علي ثماني ساعات لا يمكن أن يقال عنهم أنهم يعيشون حياة أقل التزاما بمبادي ء الصحة العامة (بمعني أنهم يكثرون فيها من التدخين و تناول المشروبات الروحية، أو يكونون أكثر سمنة و زيادة في الوزن، أو تقل ممارستهم للتدريبات الرياضية) عن نظرائهم الذين ينامون سبع ساعات أو ثمانية. و لكن التفسير المحتمل والذي لا يمكن استبعاده هو أن العوامل الخارجية (من قبيل الأزمات والشدائد أو نوبات العمل الليلية) والعوامل الداخلية (و يقصد بها المراحل المبدئية من المرض) تؤثر في النوم و بذلك تؤدي الي زيادة في معدل الوفيات. فليس من الضروري اذن أن تكون هناك علاقة سببية بين طول فترة النوم و معدلات الوفيات. لكنه ليس من الواضح، مع ذلك، السبب في أن تؤدي العوامل الخارجية والداخلية الي آثار أو نتائج متناقضة أو متعارضة و هي علي التحديد قصر فترة النوم أو طولها. و لا يزال من المحتمل أن النوم يحدث تأثيرا مفيدا في صحة الجسم و في الصحة النفسية للفرد علي السواء، و أن هذا التأثير لا يزال غير معروف علي التحديد؛ و كل ما تكشف عنه النتائج هو أن الاكثار من النوم الي حد كبير والاقلال منه الي حد كبير كلاهما ضار بالانسان.

[15] أي من أوله.

[16] أي الداء المستتر في الجوف.

[17] ليف النخل المعروف، و لعل المراد هنا ما يعمل من ورق الأراك، و هو غير معروف.

و فسره بعضهم بعرقه، و لم أجده في اللغة.

و يحتمل أن يكون المراد به غصن الاراك الذي عمل للاستياك بمضغ طرفه، فانه حينئذ شبيه الليف.

و في بعض النسخ: «ان خير ما استكت به الأشياء المقبضة التي يكون لها ماء» و لعله من اصطلاح الاطباء.

[18] في القاموس: الحفر - بالتحريك -: سلاق في أصول الأسنان، أو صفرة تلوها و يسكن والسلاق تقشر في أصول الاسنان.

و قال الاطباء: هي تشبه الخزف، تركب علي أصول الاسنان، و تتحجر عليها.

[19] أي: يحركها.

[20] الأيل: - كقنب و خلب و سيد -: تيس الجبل، و يقال له بالفارسية «كوزن»، و طريق احراقه كما ذكره الأطباء أن يجعل في جرة و يطين رأسه و يجعل في التنور حتي يحرق.

[21] كزمازج: معرف كزمازك و هو ثمرة الطرفاء، و الورد هو الامر والأثل هو الطرفاء، و قيل: هو السمر، و لعله هنا أنسب و قال بعض الاطباء: كزمازج هو ثمرة الاشجار الصغار من الطرفاء، و حب الأثل هو ثمرة كبارها - والسمر - بفتح السين و ضم الميم شجر من العضاه، و هو كل شجر يعظم و له شوك، و ليس في العضاه أجود خشبا من السمر.

[22] الملح الاندراني (والدراني) هو الذي يشبه البلور كما في القانون، و يسمونه بالفارسية «التركي».

[23] أي يستاك به.

[24] خصائص الأمزجة و مراحل العمر:

و لكل واحد من هذه الأربعة خصائص، و هي جميعا موجودة في جسم الانسان، فاذا اعتدلت هذه الطبائع او الأمزجة الأربعة كانت الصحة و اذا انحرفت بزيادة او نقصان او تغلب أحدها علي الآخر كان المرض.

و تكون وظيفة الطبيب هي تعديل هذه الطبائع أو الامزجة حتي تعود لسابق عهدها.

و تنقسم مراحل عمر الانسان الي أربعة مراحل و في كل مرحلة من هذه المراحل تكون الغلبة لأحد هذه الامزجة كالآتي:

ففي سن الشباب والطفولة تكون الغلبة للدم حيث تتكون الأعضاء الدموية و يكثر النشاط و يعمل الكبد (مركز الدم) بهمة و نشاط، و يكون الاندفاع و عدم التروي.

و في سن الرجولة (35-15) تظهر الغلبة للمرة الصفراء و فيها حدة الفهم والذكاء، الشجاعة والحيطة.

و في سن الكهولة (55-35) تظهر الغلبة للمرة السوداء: و فيها الصمت والتفكير والتثبت والنظر في العواقب.

و في سن الشيخوخة (ما بعد الخامسة والخمسين الي أرذل العمر) تكون الغلبة للبلغم و علاماته العجز والفتور والثقل والنسيان والسكون والحلم واللين.

و تحتوي الأطعمة والأشربة علي هذه العناصر الأربعة ايضا فبعضها يغلب عليه الحرارة و يسمي حارا، و بعضها يغلب عليه البرودة و يسمي باردا، و هكذا.. و لهذا وجب تعديل الطعام بحيث يكسر الحار البارد والعكس.. و بحيث يناسب كل سن و كل فصل من فصول السنة لأن فصول السنة ايضا تتبع العناصر الأربعة والطبائع الأربع، والطبيب الماهر هو الذي يعطي لكل حالة لبوسها فطعام المريض غير طعام الناقة، و طعام الصحيح غير طعام السقيم، و طعام الرضيع غير طعام الفطيم و هكذا.. و طعام الانسان في السفر غير طعامه في الحضر.. و طعامه أثناء فصل الربيع ينبغي أن يختلف عن طعامه أثناء فصل الخريف.. و طعامه في الصيف لابد أن يختلف عن طعامه في الشتاء.

و لهذا عقد الامام علي الرضا عليه السلام فصلا لموضوع الغذاء في رسالته و قال للمأمون: ان كل واحدة من هذه الطبائع يحب ما يشاكلها فاغتذ ما يشاكل جسدك.

و من أخذ من الطعام زيادة لم يفده، و من أخذ بقدر لا زيادة عليه و لا نقص نفعه.. واعلم يا....: كل البارد في الصيف والحار في الشتاء والمعتدل في الفصلين (أي الربيع والخريف لاعتدالهما) علي قدر قوتك و شهوتك.. و ابدأ بأول الطعام بأخف الأغذية التي تغتذي بها لذلك.».

ثم ذكر بعد ذلك فصول السنة و أشهرها شهرا شهرا بالتقويم الشمسي و ابتدأ بشهر آذار (مارس) لأنه أول الربيع و ذكر فيه ما ينبغي أن يؤكل فيه و ما يجتذب من الطعام والدواء. ثم نيسان (ابريل) و هكذا حتي انتهي الي شباط (فبراير). و ما يناسب كل شهر من غذاء و ما لا يناسبه.. و ما يناسب كل شهر من أنواع النشاط الجسماني و دخول الحمام والجماع والرياضة و ما لا يناسبه.. و كذلك الحجامة والفصد و أنواع الأدوية.

كلمة أخيرة: ان الطب الحديث والعلم الحديث قد ألغي فكرة العناصر الأربعة والطبائع الاربع والأمزجة الأربعة. و استبدلها بأمور أكثر تعقيدا بكثير مما كان يظن. والعناصر الأربعة لم تعد عناصر بل هي مركبات و حالات، فالماء مركب والهواء مركب والتراب مركب والنار حالة تعتري المواد كلها و هي حالة الاحتراق بواسطة الاوكسجين.

و عدد العناصر قد جاوز المائة عنصر.. والطبائع الاربع: الحرارة والبرودة والرطوبة واليبوسة، لم تعد أساسية و انما هي تعبر عن درجة الحرارة، (الحرارة والبرودة) التي يمكن أن تقاس بمختلف الاجهزة المعقدة والبسيطة (ميزان الحرارة الترمومتر) والرطوبة واليبوسة عبارة عن درجة وجود الماء في الأشياء فاذا زادت نسبة الماء زادت الرطوبة و اذا قلت النسبة كانت اليبوسة.

و ما يسمي الأمزجة في جسم الانسان قد تغير مفهومه كثيرا. والدم سائل من سوائل الجسم.. صحيح أنه يتكون في الكبد في أثناء نمو الجنين و لكن هذه مرحلة فقط من المراحل ثم يتكون في نقي العظام..

و أما الطحال فلا تفرز المرة السوداء كما يقولون بل تحطم خلايا الدم الحمراء التي انتهي أجلها.

و تقسيرات الدم والبلغم والمرة السوداء والصفراء مضحكة بالنسبة للطب الحديث. و أغلب ما ذكر في ذلك أثبت العلم خطأه و خطله. و قد يبقي منه فتات أو شذرات تصح منه الاشارات.

و تبدلت الحال و ظهرت الهرمونات والمواد الكيماوية المعقدة و ظهر تأثيرها علي جسم الانسان و علي سلوكه كذلك. و مع هذا بقيت تعبيرات المزاج الصفراوي والمزاج السوداوي والمزاج الدموي والمزاج البلغمي في جميع اللغات الحية الي اليوم.

و لهذا كله لا ينبغي حين نتعرض لكتب الطب القديم أن نفهمها أنها كتبت لعصرنا، فعصرنا يختلف في مفهوماته و معلوماته و طبه عن عصور الأقدمين. و هذا كله لا يمنعنا أن ننظر الي أعمالهم و نزنها بميزان عصرها لا بميزان عصرنا.

و لا ننكر أننا يمكن أن نستفيد من لفتة بارعة أو منهج تفكير نجده لدي القدماء و أهمله المحدثون.

فليس كل قديم لا نفع فيه، و لا كل جديد فيه الخير كله.. بل قد يكون في الجديد ما يحتاج الي معاودة النظر في قيمته، و لعله من الغثاء الذي ينبغي طرحه.. و لعل في القديم من الجواهر والدرر ما ينبغي الكشف عنه و معاودة استخدامه و ان كان بأسلوب و طريقة مناسبة للعصر الذي نعيش فيه.

و رسالة الامام علي الرضا عليه السلام تفتح لنا كثيرا من هذه الآفاق.. و قيمتها ليست في كونها أول رسالة في حفظ الصحة باللغة العربية فحسب، و انما تكمن قيمتها أيضا في منهج مؤلفها الذي جمع فيها ما ورثه من طب النبوة عن آبائه و ما تعلمه من طب اليونان و مزج ذلك كله مزجا فذا غريبا، و صاغه بلغة أدبية رائعة، و استطاع أن يوجز تلك المعلومات الكثيرة والمتباينة في 14 صفحة مطبوعة من الحجم الصغير.

ان هذه الرسالة الموجزة الصغيرة تحمل في طياتها علما كثيرا، استطاع الامام علي الرضا عليه السلام أن يوجزه في صفحات قليلة تميزت بالدقة و سلاسة العبارة و وضوح المعني.

و هو أمر عسير و شاق دون ريب، اذ ان الايجاز الشديد يقتضي في كثير من الأحيان غموض المعني و صعوبة العبارة. و ليست كذلك رسالة الرضا عليه السلام.

[25] اذ نقل الرطوبات فيها فتحتد فيها الصفراء.

[26] الحجامة في نواحي الجسم:

الحجامة تنقيتها لنواحي الجلد أكثر من تنقية الفصد، و استخراجها للدم الرقيق أكثر من استخراجها للدم الغليظ، و منفعتها في الابدان العبال الغليظة الدم قليلة لأنها لا تبرز دماءها و لا تخرجها كما ينبغي، بل الرقيق جدا منها بتكلف، و تحدث في العضو المحجوم ضعفا.

يؤمر باستعمال الحجامة لا في أول الشهر لأن الأخلاط لا تكون قد تحركت، أو هاجت و لا في آخره لأنها تكون قد نقصت، بل في وسط الشهر حين تكون الاخلاط هائجة تابعة في تزيدها لزيد النور في جرم القمر، و يزيد الدماغ في الاقحاف والمياه في الأنهار ذوات المد والجزر. واعلم أن أفضل أوقاتها في النهار هي الساعة الثانية والثالثة، و يجب أن تتوقي الحجامة بعد الحمام، الا فيمن دمه غليظ، فيجب أن يستحم، ثم يبقي ساعة، ثم يحجم. و أكثر الناس يكرهون الحجامة في مقدم البدن، و يحذرون منها الضرر بالحس والذهن.

و الحجامة علي النقرة خليفة الاكحل: تنفع من ثقل الحاجبين، و تخفف الجفن، و تنفع من جرب العين، والبخر في الفم، والتحجر في العين.

و علي الكاهل خليفة الباسليق: تنفع من وجع المنكب والحلق.

و علي أحد الاخدعين خليفة القيفال: تنفع من ارتعاش الرأس، و تنفع الأعضاء التي في الرأس مثل الوجه والأسنان والضرس والأذنين والعينين والحلق والأنف.

لكن الحجامة علي النقرة: تورث النسيان حقا عما قيل، فان مؤخر الدماغ موضع الحفظ و تضعفه الحجامة.

و علي الكاهل: تضعف فم المعدة. والأخدعية ربما أحدثت رعشة الرأس، فليسفل النقرية قليلا، و ليصعد الكاهلية قليلا الا أن يتوخي بها معالجة نزف الدم والسعال، فيجب أن تنزل و لا تصعد.

و هذه الحجامة التي تكون علي الكاهل و بين الفخذين، نافعة من أمراض الصدر الدموية والربو الدموي، لكنها تضعف المعدة و تحدث الخفقان.

و الحجامة علي الساق و قارب الفصد و تنقي الدم و تدر الطمث.

و من كانت من النساء بيضاء متخلخلة رقيقة الدم، فحجامة الساقين أوفق لها من فصد الصافن، والحجامة علي القمحدوة و علي الهامة تنفع فيما ادعاه بعضهم من اختلاط العقل والدوار، و تبطي ء فيما قالوا بالشيب و فيه نظر، فانه قد تفعل ذلك في أبدان دون ابدان.

في أكثر الأبدان يسرع بالشيب، و ينفع من أمراض العين، و ذلك أكثر منفعتها، فانها تنفع من جربها و بثورها، لكنها تضر بالذهن و تورث بلها و نسيانا ورداءة فكر و أمراضا مزمنة، و تضر بأصحاب الماء في العين، اللهم الا أن تصادف الوقت والحال التي يجب فيها استعمالها، فربما لم تضر.

والحجامة تحت الذقن: تنفع الأسنان والوجه والحلقوم و تنقي الرأس والفكين، والحجامة علي القطن، نافعة من دماميل الفخذ، و جربه، و بثوره، من النقرس، والبواسير، وداء الفيل، و رياح المثانة، والرحم، و من حكة الظهر.

و اذا كانت هذه الحجامة بالنار - بشرط أو غير شرط - نفعت ذلك ايضا، والتي بشرط أقوي في غير الريح، والتي بغير شرط أقوي في تحليل الريح الباردة و استئصالها ههنا و في كل موضع.

الحجامة علي الفخذين من قدام: تنفع من ورام الخصيتين و خراجات الفخذين والساقين، والتي علي الفخذين من خلف تنفع من الأورام والخراجات الحادثة في الاليتين، و علي أسفل الركبة تنفع من ضربان الركبة الكائن من أخلاط حادة و من الخراجات الرديئة والقروح العتيقة في الساق والرجل.

التي علي الكعبين: تنفع من احتباس الطمث و من عرق النسا و النقرس.

أما الحجامة بلا شرط: فقد تستعمل في جذب المادة عن جهة حركتها، مثل وضعها علي الثدي لحبس نزف دم الحيض و قد يراد بها ابراز الورم الغائر ليصل اليه العلاج و قد يراد بها نقل الورم الي عضو أخس في الجوار، و قد يراد بها تسخين العضو و جذب الدم اليه و تحليل رياحه، و قد يراد بها رده الي موضعه الطبيعي المنزول عنه، كما في القيلة، و قد تستعمل لتسكين الوجع كما توضع علي السرة بسبب القولنج المبرح، و رياح البطن و أوجاع الرحم التي تعرض عند حركة الحيض، خصوصا للفتيات.

و علي الورك: لعرق النسا، و خسوف الخلع.

و ما بين الركبتين: نافعة للوركين والفخذين والبواسير، و لصاحب القيلة والنقرس.

وضع المحاجم علي المقعدة يجذب من جميع البدن و من الرأس، و ينفع الامعاء و يشفي من فساد الحيض، و يخف معها البدن.

و نقول ان للحجامة بالشرط فوائد ثلاث:

أولاها: الاستفراغ من العضو نفسه، ثانيتها: استبقاء جوهر الروح من غير استفراغ تابع لاستفراغ ما يستفرغ من الاخلاط، و ثالثتها: تركها التعرض للاستفراغ من الأعضاء الرئيسة، و يجب أن يعمق المشرط ليجذب من الغور، و ربما ورم موضع التصاق المحجمة، فعسر نزعها فليؤخذ خرق او اسفنجة مبلولة بماء فاتر الي الحرارة، وليكمد بها حواليها أولا.

و هذا يعرض كثيرا اذا استعملنا المحاجم علي نواحي الثدي ليمنع نزل الحيض أو الرعاف، و لذلك لا يجب أن يضعها علي الثدي نفسه و اذا دهن موضع الحجامة، فليبادر الي اعلاقها، و لا تدافع بل تستعجل في الشرط و تكون الوضعة الاولي خفيفة سريعة القلع، ثم يتدرج الي ابطاء القلع والامهال.

غذاء المحتجم: يجب أن يكون بعد ساعة، والصبي يحتجم في السنة الثانية، و بعد ستين سنة لا يحتجم البتة، و في الحجامة علي الأعالي أمن من انصباب المواد الي أسفل، والمحتجم الصفراوي يتناول بعد الحجامة حب الرمان و ماء الرمان و ماء الهندباء بالسكر والخس بالخل.

أ- استطباباتها في الطب الحديث:

أولا - الحجامة الجافة:

بينت أن الدم في الحجامة الجافة يخرج من العروق الدقاق محدثا كدمة، و بذلك يخف أو يزول احتقان المناطق الواقعة تحت موضع الحجامة، بالاضافة الي حوادث انعكاسية أخري ذات تأثير بين في تسكين الألم و تخفيف الاحتقان. و من استطبابات هذه الحجامة الجافة: آفات الرئة الحادة و احتقانات الكبد و التهابات الكلية و التهاب التأمور والعصابات القطنية والوربية.

و يمكن أن تقوم الحجامة الجافة مقام الاستدماء الذاتي Autohemotherapy لدي الأطفال أو لدي من يتعذر العثور علي أوردتهم من الكهول. والاستدماء الذاتي (نقل الدم من عرق المريض و حقنه في عضله الاليوي) طريقة عامة في ازالة التحسس.

ثانيا - الحجامة المبزغة:

تزيد علي الحجامة الجافة اخراج الدم بتشريط مكان الحجامة الجافة.

و هي نوع من الفصادة الموضعية استعملت في الطب الحديث أيضا في المجالات التالية، و خاصة قبل اكتشاف الأدوية الكثيرة في النصف الثاني من القرن العشرين. و مع ذلك تبقي هذه الحجامة مفيدة داعمة للأدوية الاخري. و استطباباتها هي:

1- الاحتقانات: كاحتقانات الرئة، و احتقان الكبد، و وذمة الرئة الحادة، و هذه تتطلب سرعة الاسعاف، فيجوز للممرضة في هذه الحالة أن تقوم باجراء الحجامة المبزغة عن الظهر اذا تأخر الطبيب.

2- الالتهابات كالتهاب التأمور و التهاب الكلية الحاد (قصور كلوي حاد).

3- الآلام العصبية القطنية والوربية والوجع الناخس، حيث تؤثر الحجامة مسكنة سواء كانت جافة أو مبزغة. و توضع المحاجم في الآلام العصبية القطنية جانبي العمود القطني و ليس علي العجز، أما في الآلام الوربية فتوضع المحاجم علي الظهر.

4- لأخذ الدم للفحص المخبري، و خاصة حينما لا يمكن أخذ الدم ببزل الوريد، و لا سيما في الأولاد.

5- لتقوم مقام الفصد العام و ذلك عندما لا يتمكن الطبيب من بزل الوريد بابرة غليظة، و لا يرغب أن يخرجه بالمبضع، و قد يوصي الطبيب ذوي المريض بأن يجروا له حجامة دامية، اذا ظهرت بعض الأعراض لديه من زلة و زرقة بسبب اصابته بآفة قلبية أو ارتفاع توتر شديد.

أما مضادات الاستطباب للحجامة المبزغة فهي: الانتان الجلدي والانتان العام والداء السكري، و عند الأشخاص ضعيفي البنية، و عندما يخشي من استمرار النزف مكان التشريط بسبب وجود اضطرابات في أزمنة النزف والتخثر والبروترمبين الحادثة في بعض الأمراض كالناعور و قصور الكبد.

ب - استطباباتها في العهد الجاهلي:

تفيد الاحاديث النبوية أن الحجامة من الطرق العلاجية الشائعة شعبيا عند العرب في الجاهلية و لا توجد نصوص تعين استطباباتها في العهد الجاهلي، و لكن يغلب علي الظن أنها ذات الاستطبابات في العهد النبوي، حيث عاصر كثير من المسلمين الأوائل جزءا من العهد الجاهلي.

ج - استطباباتها في هدي النبوة:

1- تبيغ الدم:

التبيغ في اللغة الزيادة من قولهم: بغي فلان علي فلان أي زاد عليه. قال أبوعبيد عن الكسائي: التبيغ: التهيج و في لسان العرب: تبيغ به الدم: هاج به، و ذلك حينما تظهر حمرته في البدن، و الي لفظ التبيغ ترجم مؤلفو القاموس الطبي الموحد كلمة Hypeshemie.

فتبيغ الدم بمعني زيادته أو تهيجه يحدث أكثر ما يحدث في ارتفاع التوتر الشرياني، و خاصة الأحمر، أي المترافق باحتقان الوجه والملتحمتين والشفتين واليدين والقدمين، كما يحدث في فرط الكريات الحمر الحقيقي الذي منه ما يكون ثانويا لعلل مختلفة، و منه ما يكون بدئيا أي أساسيا نادرا. و من أسباب الثانوي العلل القلبية الخلقية مع الزرقة، و ارتفاق التأمور والتضيقات الرئوية التي تعيق التدمية، و تصلب الشريان الرئوي، والآفات الرئوية الليفية من منشأ افرنجي، و فرط الكريات الحمر في الارتفاعات، و فرط الكريات الحمر السمي، و سل الطحال و كيسته المائية. و لم تشخص تلك الأمراض قديما و لم تفرق عن بعضها، و انما اكتفي بذكر العلامة السريرية المشتركة و هي تبيغ الدم.

و من الأعراض المشاهدة في فرط التوتر الشرياني، و في الأمراض التي يحدث فيها فرط الكريات الحمر الحقيقي، يذكر الصداع و حسن الامتلاء في الرأس والدوار و سرعة الانفعال، و قد تحدث اضطرابات بصرية. و من الأدوية المفيدة في تلك الاحوال الفصادة والحجامة المبزغة (الدامية).

وردت كلمة تبيغ الدم و بعض أعراض ارتفاع التوتر الشرياني و فرط الكريات الحمر في أحاديث الرسول صلي الله عليه و آله و سلم. عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «اذا اشتد الحر فاستعينوا بالحجامة، لا يتبيغ الدم بأحدكم فيقتله». و عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال نبي الله صلي الله عليه و آله و سلم: «نعم العبد الحجام، يذهب الدم و يخف الصلب و يجلو عن البصر».

و لقد استمر تطبيق الحجامة الدامية بسبب تبيغ الدم في عهود الحضارة الاسلامية العربية، و أجريت بالشرط علي الأخدعين والكاهل. و أشار ابن سينا في قانونه الي بعض استطباباتها.

2- أوجاع الرأس أو الصداع:

قد يكون الصداع ظاهرة وحيدة دون وجود أعراض مشاركة أخري، و قد يكون مشاركا لأعراض أخري.

و من جملة أسباب الصداع كظاهرة وحيدة، و أكثرها حدوثا الصداع المرافق لفرط التوتر الشرياني (ارتفاع ضغط الدم) والصداع الوعائي الذي قد يتظاهر بشقيقة، و لقد مر وصفه عليه الصلاة والسلام الحجامة للمصاب بتبيغ الدم، و سيأتي أن الرسول صلي الله عليه و آله و سلم احتجم من شقيقة كانت به، و علي صداع فرط الضغط الدموي و الصداع الوعائي يحمل الحديث التالي: عن سلمي (رضي الله عنها) خادم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم قالت: «ما كان أحد يشتكي الي رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم وجعا في رأسه الا قال احتجم، و لا وجعا في رجليه الا قال اختضبها».

3- الحجامة في الرأس لمرض الشقيقة:

عن ابن عباس رضي الله عنه «أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم احتجم و هو محرم في رأسه من شقيقة كانت به». أما مكان تلك الحجامة من الرأس فيحدده ما رواه عبدالله بن مالك بن بحينة رضي الله عنه قال: «احتجم رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم و هو محرم بلحي جمل من طريق مكة في وسط رأسه».

قال الامام النووي في شرح مسلم 1 / 383: «و في الحديث دليل لجواز الحجامة للمحرم، و قد أجمع العلماء علي جوازها له في الرأس و غيره اذا كان له عذر في ذلك، و ان قطع الشعر حينئذ، لكن عليه الفدية لقطع الشعر، فان لم يقطع فلا فدية عليه».

يدل كلام النووي علي أن الحجامة المعروفة في العهد النبوي هي الحجامة المبزغة، ولكن نص الحديث يحتمل النوعين من الحجامة.

و لم يذكر ابن سينا الحجامة في الرأس لمرض الشقيقة، و لكن من المعروف في عهود النهضة الاسلامية العربية، و في الطب الحديث أن الحجامة الجافة تستعمل لتسكين الألم، و هذه الفائدة مدونة في كتاب القانون لابن سينا.

و تعلل فائدة الحجامة في وسط الرأس (أي بعيدة عن العروق الدموية الكبيرة) في تسكين الصداع الشقيقي بحدوث انعكاسات علي الأوعية الدموية الدماغية التي يؤدي انقباضها الي حدوث ذلك الصداع.

4- الحجامة بعد التسمم:

يقر الطب الحديث بفائدة الفصادة في بعض التسممات، و يوصي باجراء نقل الدم بعدها و من البديهي أنه عندما لا يتمكن الطبيب من بزل الوريد بابرة غليظة، و لا يرغب أن يجرح الوريد بالمبضع، فان الحجامة التي تعتبر نوعا من الفصادة الموضعية هي ملجؤه الوحيد.

عن عبدالله بن جعفر «أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم احتجم بعدما سم».

و لم يرد نص صحيح في تعيين الموضع المختار للحجامة من تبيغ الدم أو الصداع أو السم، و لعله في الأخدعين والكاهل، و هما المكانان المعتبران لمعظم استطبابات الحجامة، و خاصة الكاهل، كما سيلي بيانه، حيث احتجم فيها رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم.

5- الحجامة في الأخدعين والكاهل:

في القاموس المحيط: الاخدعان: عرقان في جانبي العنق، والكاهل: ما بين الكتفين و هو مقدم الظهر.

و في لسان العرب: الأخدعان: عرقان خفيان في موضع الحجامة من العنق، و ربما وقعت الشرطة علي أحدهما فينزف صاحبه، لأن الأخدع شعبة من الوريد.

يسمي الأخدع في الطب الحديث الوريد الوداجي الخارجي الخلفي و هو يصب في الوريد الوداجي الخارجي (الظاهر). و علي هذا، فان الحجامة في الأخدعين تحتاج الي دقة بأن تكون الشرطة سطحية غير عميقة. و تقوم مقامها الحجامة في الكاهل، و هذه أبعد عن العروق الكبيرة و أسلم.

روي الترمذي من طريق همام عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يحتجم في الأخدعين والكاهل، و كان يحتجم لسبع عشرة و تسع عشرة و احدي و عشرين». و استمر استعمال الحجامة في الأخدعين والكاهل في عهود النهضة الاسلامية العربية، و قد ذكرها مع استطباباتها ابن سينا في قانونه. و لا تزال الحجامة الدامية علي الكاهل تستعمل حتي أيامنا هذه و في الطب الحديث أيضا.

6- الحجامة في معالجة الوثي:

الوثي هو التواء المفصل العنيف منذ تمطط الربط حتي انقطاعها.

عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما «أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم احتجم علي وركه من وثاء كان به». و عن أنس بن مالك رضي الله عنه «أن رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم احتجم و هو محرم علي ظهر القدم من وجع كان به» و في رواية النسائي «من وثاء كان به»..

و لقد ذكر ابن سينا في قانونه استعمال الحجامة بلا شرط علي الورك لعرق النسا و خوف الخلع، و لكن الطب الحديث لا يذكر هذا الاستطباب.

7- الحجامة في جوزة القمحدوة:

عن صهيب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «عليكم بالحجامة في جوزة القمحدوة فانها دواء من اثني و سبعين داء، و خمسة أدواء من الجنون والجذام والبرص و وجع الأضراس». و في رواية «انها تشفي من خمسة أدواء». و لقد نبه المناوي في فيض القدير الي أن الداء الخامس سقط من الراوي أو الناسخ. و قال الهيثمي في المجمع 95:6 رواه الطبراني في معجمه الكبير باسناد رجاله ثقات اه.

و قد ذكر ابن سينا في «قانونه» الحجامة علي القمحدوة و علي الهامة فقال: تنفع فيما ادعاه بعضهم من اختلاط العقل والدوار، و تبطي ء فيما قالوا بالشيب فيه نظر، فانه قد تفعل ذلك في أبدان دون أبدان، و في أكثر الأبدان يسرع بالشيب، و تنفع من أمراض العين و ذلك أكثر منفعتها، فانها تنفع من جربها و بثورها، لكنها تضر بالذهن.

و أذكر هنا أن الأدواء الأربعة المذكورة في الحديث النبوي لم يكن لها علاج في عهد النبوة، و لا في الطب القديم و خاصة الثلاثة الاولي، فليس أمام المرضي الا أن تطبق عليهم المعالجات الشعبية الشائعة من معالجة روحية و كي و حجامة.

8- استعمال الحجامة بالشرط في معالجة الخراج في فجر الاسلام:

و ذلك بشرط الخراج أي شقه ليخرج الصديد، ثم وضع المحجم لمص كافة محتوياته.

عن عاصم بن عمر بن قتادة رحمه الله قال: «جاءنا جابر بن عبدالله في أهلنا، و رجل يشتكي خراجا به - او جراحا - فقال ما تشتكي؟ قال: خراج بي قد شق علي، فقال: يا غلام، ائتني بحجام، فقال له: ما تصنع بالحجام يا أبا عبدالله؟ قال أريد أن اعلق فيه محجما، فقال: والله ان الذباب ليصيبني أو يصيبني الثوب فيؤذيني و يشق علي، فلما رأي تبرمه من ذلك قال: اني سمعت رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم يقول: ان كان في شي ء من أدويتكم خير، ففي شرطة محجم أو شربة من عسل أو لذعة بنار، قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: و ما أحب أن أكتوي، قال: فجاء بحجام فشرطه فذهب عنه ما يجد».

أوقات الحجامة الدامية:

ليس للحجامة الجافة وقت معين لاجرائها، انما تنفذ لدي وجود استطباب لها، أما الحجامة المبزغة (الدامية) فلها أوقات مفضلة في الطب النبوي والعربي، اذا استعملت بشكل وقائي، أما في حالة الاستطباب العلاجي الاسعافي، فانها تجري في أي وقت.

و لقد مر أن النبي صلي الله عليه و آله و سلم احتجم بعدما سم، و احتجم علي وركه من وث ء كان به و احتجم و هو محرم علي ظهر قدمه من وجع أو وث ء كان به و في رأسه من شقيقة ألمت به، و لم يرد عنه صلي الله عليه و آله و سلم أنه انتظر في تلك الأحوال يوما معينا أو ساعة معينة من اليوم.

و لذا تحمل أحاديث تفضيل أيام معينة من الشهر لاجراء الحجامة الدامية علي اجرائها لأغراض وقائية، كما في الدمويين لدي اشتداد الحر والله تعالي أعلم.

قال رسول الله صلي الله عليه و آله و سلم: «خير ما تحتجمون فيه يوم سبع عشرة و يوم تسع عشرة و يوم احدي و عشرين». و هي أيام من الربع الثالث من الشهر القمري، ليست في الأسبوع الأول و لا في الأخير.

قال ابن سينا: و يؤمر باستعمال الحجامة، لا في أول الشهر، لأن الاخلاط لا تكون قد تحركت أو هاجت، و لا في آخره، لأنها تكون قد نقصت، بل في وسط الشهر حين تكون الأخلاط هائجة تابعة في تزايدها لتزايد النور في جرم القمر.

[27] الأخدعان: عرقان خلف العنق من تيمنه و شماله.

[28] في القاموس: القلاع - كغراب -: الطين يتشقق اذا نضب عنه الماء، و قشر الأرض يرتفع عن الكمأة، وداء في الفم انتهي -. و في كتب الطب أنه قرحة تكون في جلد الفم واللسان مع انتشار و اتساع، و يعرض للصبيان كثيرا، و يعرض من كل خلط و يعرف بلونه من الامتلاء، أي امتلاء الدم و كثرته.

[29] الطمث: دم الحيض.

[30] يقال: نهكه الحمي - كمنع و فرح - أضنته و هزلته و جهدته.

[31] البثور: الصغار من الخراج.

[32] هذا مما ذكره الأطباء أيضا.

قال في القانون: تكون الوضعة الاولي خفيفة سريعة القلع، ثم يتدرج الي ابطاء القلع والامهال، انتهي.

و عللوا ذلك بوجهين:

الأول: اعتياد الطبيعة لئلا تتألم كثيرا.

والثاني: أن في المرة الاولي تسرع الدماء القريبة من المحجمة فتجتمع سريعا، و في المرة الثانية أبطأ لبعد المسافة، فيكون زمان الاجتماع أبطأ، و هكذا.

والظاهر أنه لو كان المراد بالمرات، المرات بعد الشرط، فالوجه الثاني أظهر ولو كان المراد المرات قبله فالأول، و كأن الثاني أظهر من الخبر.

و شرط الحاجم: قطع اللحم بآلته و هي المشرط والمشراط بالكسر فيهما.

[33] أي بمسحه عليها.

[34] لأنه يصير الموضع لينا، فلا يتألم كثيرا من الشرط، و قال بعض الأطباء: تدهين موضع الحجامة والفصد يصير سببا لبطء برئهما و قال الشيخ في القانون: اذا دهن موضع الحجامة فليبادر الي اعلاقها و لا يدافع بل يستعجل في الشرط - انتهي -.

[35] حبل الذراع: هو الوريد الذي يظهر ممتدا من انسي الساعد الي أعلاه، ثم علي وحشيه.

[36] القيفال: هو الوريد الذي يظهر عن المرفق علي الجانب الوحشي.

[37] وريد يظهر عند مأبض المرافق - المأبض (بكسر الباء): باطن الركبة والمرفق - مائل الي الساعد من وسط أنسيه، و قد يطلق الباسليق علي عرق آخر تحته فيسمي الأول الباسليق الأعلي، و هذا الباسليق «الابطي» لقربه من الابط.

[38] هو المعروف بالبدن بين الباسليق والقيفال.

[39] هو أن يبل خرقة بالماء الحار و يضعه عليه. و قيل: أو يبخر الموضع ببخار الماء الحار.

[40] قال الأطباء: بعده أيضا كذلك، بل هو أضر، و يمكن أن يكون التخصيص لظهور الضرر بعده، أو لعدم وقوعه غالبا بعده لطرو الضعف المانع منه.

[41] اليوم الصاحي هو الذي لا غيم فيه.

[42] أي قبل الحجامة، او الأعم، فيكون ما سيأتي تأكيدا.

[43] في القاموس: المرغر والمرغري، و يمد اذا خفف، و قد تفتح الميم في الكل: الزغب الذي تحت شعر العنز، و في بعض النسخ «غزعوني» و لم نجد له معني. و في بعضها «فرعوني» و هو أيضا كذلك، و قد يقرأ «قزعوني» نسبة الي «عون» قرية علي الفرات و كل ذلك تصحيف، و الأول أصوب.

[44] المحاجم: مواضع الحجامة.

[45] القز: نوع من الابريسم، و قد يقال: لا يطلق عليه الابريسم و في المصباح المنير: القز معرب، قال الليث: هو ما يعمل منه الابريسم، و لهذا قال بعضهم: القز والابريسم مثل الحنطة والدقيق - انتهي -.

قال المجلسي (ره): يستنبط منه احد أمرين:

اما كون حكم القز مخالفا لحكم الابريسم في عدم جواز اللبس، أو يكون استعمال ما لا يتم الصلاة من الحرير مجوز للرجال، و يمكن مله علي ما اذا لم يكن قزا محضا.

[46] الظاهر أن الترياق الاكبر هو الفاروق، و لابد من حمله علي ما اذا لم يكن مشتملا علي الحرام كالخمر و لحم الافاعي والجند و أشباهها، و قد مر القول فيه.

[47] السكنجبين: شراب يصنع من خل و عسل، و يراد به كل حامض و حلو، و هو معرب من «سركه» خل، و «انكبين» عسل بالفارسية.

[48] خواص المسك:

تطييب العرق و تقوية القلب: ابن ماسه: يطيب العرق و يقوي القلب و يشجع أصحاب المرة السوداء دافع للجبن العارض لهم.

تسخين الأعضاء الخارجية: يسخن الأعضاء الخارجية و يقويها اذا ضعفت و اذا وضع عليها.

تقوية الاعضاء الباطنة: يقوي الاعضاء الباطنة شربا.

الاعانة علي الباه: جماعة من أهل الأهواز و فارس ذكروا أن فيه رطوبة يسببها يعين علي الباه.

اعانة علي كثرة الجماع: اذا أخذ منه جزء يسير فأذيب بدهن خيري و طلي به علي رأس الاحليل أعان علي كثرة الجماع و سرعة الانزال.

العلل الباردة في الرأس: قال المنصوري: ينفع من العلل الباردة في الرأس و هو جيد للغشي و سقوط القوة.

تقوية الأعضاء: الطبري: لطيف يقوي الأعضاء لطيب رائحته و ينفع اذا استعط به مع شي ء من زعفران مدوفين من كل واحد نصف عدسة نفع من الصداع البارد و يقوي الدماغ.

الأدوية المقوية للعين: حكيم بن حنين: يستعمل في الأدوية المقوية للعين و يجلو البياض الرقيق و ينشف رطوبتها جدا.

جميع العلل الباردة في الرأس: ينفع من جميع العلل الباردة في الرأس و يفتح السدد و ينفع من الرياح التي تعرض في العين و في سائر الجسم و يعقل البطن و يزيل صفرة الوجه و يذهب عمل السموم و هو جيد للخفقان و يصلح الفكر و يذهب تحديث النفس.

تنبيه المفلوجين و أصحاب السكتة الباردة: اذا استعط به المفلوجون و اصحاب السكتة الباردة نبههم و نفعهم و نقي أدمغتهم مع الأدوية التي يستعط بها.

الخدر والفالج: اذا حل في الادهان المسخنة و طلي بها فقار الظهر نفع من الخدر و الفالج مع التمادي عليه.

النزلات: اذا حل في دهن البان و طلي به علي الرأس منع من النزلات.

أوجاع البواسير: ابن رضوان: ينفع من أوجاع البواسير الظاهرة طلاء عليها.

الرياح الغليظة في الأمعاء: ينفع من الرياح الغليظة المتولدة في الأمعاء شربا.

[49] السكباج معرب، و كأنه «شورباج الخل» و في القاموس: الهلام - كغراب -: طعام من لحم عجل بجلده، أو مرق السكباج المبرد المصفي من الدهن.

[50] قال في القاموس: المصوص - كصبور - طعام من لحم يطبخ و ينقع في الخل، او يكون من لحم الطير خاصة (انتهي).

و قيل: الهلام لحم البقر أو العجل أو المعز يطبخ بماء و ملح ثم يخرج و يوضع حتي يذهب ماؤه، ثم يطبخ البقول الباردة مع الخل و يطرح فيه ذلك اللحم، ثم يؤكل، والمصوص: مطبوخ من لحم الدراج أو الديك، و يطبخ في الخل والبقول الباردة.

[51] خواص دهن البنفسج:

صفة صنعه:

أن يقطف من عيدانه و يرمي في طنجير في شيرج طري و يغلي فيه أو يشمس في شمس حارة أياما كثيرة حتي تخرج قوته في الشيرج ثم يعصر و يرمي بثفله و يرفع الدهن و يكون مقداره أربع أواقي من زهر البنفسج لكل رطل من الشيرج.

و قد يتخذه أهل العراق علي وجه آخر كما ذكره أمين الدولة ابن التلميذ و هو: أن يؤخذ سمسم مقشور مخلوع غير مقلو مجفف و يجعل في كيس كرباس جديد ساق سمسم و ساق زهر بنفسج منقي مقطوع الساق غير مبلول لا كثير التندية فيعفن و لا قليلها بل متوسط و يشد رأس الكيس و يغطي الكيس بخرقة كرباس و يترك ثلاثة ايام أو أربعة و يخرج و يبسط علي ازار كرباس في غرفة لا يقربه دخان البتة حتي يجف و يرمي عنه البنفسج يفعل ذلك به ثلاث مرات أو أربعة أو أكثر علي قدر ما يقيم البنفسج ثم يبسط و يجفف تجفيفا جيدا و يطحن و يستخرج دهنه و يجعل في اناء زجاج و كلما ركد في أسفل الاناء شي ء نقل الي اناء آخر يفعل به ذلك مرارا عدة حتي يصفو.

خواص العلاجات:

الجرب والحرارة والحرافة: طلاء جيد للجرب و ينفع من الحرارة والحرافة التي تكون في الجسد.

صداع الرأس الحار: ينفع الصداع الحار الكائن في الرأس سعوطا.

حرقة المثانة: اذا قطر الحديث منه في الاحليل سكن حرقته و سكن حرقة المثانة.

سعال الصبيان: اذا حل فيه شمع مقصور أبيض و دهن به صدور الصبيان نفعهم من السعال منفعة قوية.

يبس الخياشم: ينفع من يبس الخياشم و انتثار شعر اللحية والرأس و تقصفه و انتثار شعر الحاجبين دهنا.

ضيق النفس: اذا تحسي منه علي الريق في حوض الحمام وزن درهمين بعد التعرق علي الريق نفع من ضيق النفس و تعاهد المستعمل منه في كل جمعة مرة واحدة.

صلابة المفاصل والعصب: ملين لصلابة المفاصل والعصب و يسهل حركة المفاصل و يحفظ صحة الاظفار طلاء و ينوم أصحاب السهر لا سيما ما عمل منه بحب القرع واللوز و يعتاض عنه بدهن اللينوفر.

[52] خواص الكافور:

الصداع الصفراوي: نافع للمحرورين و أصحاب الصداع الصفراوي اذا استنشقوا رائحته مفردا أو مع ماء الورد الصندل معجونا بالماء ورد نفعهم في أعضاءهم و حواسهم.

قطع شهوة الجماع: اذا أديم شمه قطع الجماع و اذا شرب كان فعله في ذلك أقوي.

قطع حرارة الدماغ: اذا استعط منه بوزن شعيرتين مع ماء الخس كل يوم قطع حرارة الدماغ و نوم و ذهب بالصداع و قطع الرعاف و حبس الدم المفرط.

مسيح: يقطع الرعاف اذا استعط به مع عصير البسر الأخضر.

الصداع والاورام الحارة: ينفع من الصداع والأورام الحارة في الرأس و لجميع البدن والاكثار منه و من شمه يسهر.

الرعاف الدماغي: اذا قطر في الأنف محكوكا بماء الكزبرة الرطبة قطع الرعاف الدماغي.

سوء المزاج الحار: اذا حل في دهن الورد و قطر في الأنف نفع من سوء المزاج الحار دون المادة المتولدة في الأصداغ و العين و علامته أنه يأخذ عند طلوع الشمس و يزيد مع ارتفاعها و ينحط بانحطاطها و يرتفع بالليل و سببه المشي الكثير في الزمن الحار ثم كشف الرأس في هواء بارد فتنسد المسام و يبقي سوء المزاج محتقنا.

الصداع الحار: اذا خلط بدهن الورد و الخل و طلي به مقدم الرأس نفع من الصداع الحار و لا سيما للنفساء.

الأورام الحارة: ابن سينا: ينفع الأورام الحارة طلاء و يمنع من القالع نفعا شديدا.

التآكل في الأسنان: يمنع أن تتسع مواضع التآكل في الأسنان اذا تحسي به و هو عجيب في ذلك.

[53] أي يوم حجامتك.